رحل الاثنان فى يوم واحد أمس الجمعة 12 سبتمبر، لكن شتان بين نصيب كل منهما من الحفاوة وحب الناس، فأحمد رجب – مولود عام 1928 – ظل ينعش المصريين «بأنصاف كلماته» لمدة نصف قرن، ينتقد غباء ورخاوة الحكومات المتعاقبة ويفضح الفساد والعطب فى حياتنا، حتى صار الأيقونة الصباحية لقراء صحيفة الأخبار وهم بالملايين، أما عاطف عبيد، فكان رئيس وزراء مصر بين عامى 1999/2004 وكان المنفذ الأهم لما عرف بالخصخصة، وهى تفكيك القطاع العام وبيعه بثمن بخس لصالح رجال الأعمال الجدد الذين تحالف معهم مبارك حتى سقط فى ثورة يناير المجيدة!
تأمل من فضلك صحف أمس السبت لتكتشف الفرق بين الرجلين، فالعنوان الرئيسى لأخبار اليوم (وداعًا أحمد رجب.. أسطورة الكلمة الساخرة) يتصدره رسم بديع للراحل مصطفى حسين، وقد صوّر رجب مرتديا بزته العسكرية بوصفه مقاتلا ممتشقا سلاحه/ قلمه! بينما غاب تمامًا ذكر عاطف عبيد عن الصفحة الأولى!
أما جريدة الأهرام فقد ذكرت خبر وفاة أحمد رجب على عمودين فى الصفحة الأولى مع صورته تحت عنوان (الرئاسة تنعى أحمد رجب)، بينما ساقت خبر رحيل عاطف عبيد بشكل مقتضب وبدون صورة وعلى عمود واحد فى الصفحة نفسها!
من جانبها أشارت الشروق فى صفحتها الأولى إلى أنها تخصص الصفحة الأخيرة عن أحمد رجب، بينما أوردت خبر رحيل عبيد فى الصفحة الثانية بدون صورة!
تحت عنوان (رحيل أحمد رجب إمام الساخرين) ساقت المصرى اليوم الخبر فى صفحتها الأولى على ثلاثة أعمدة مع صورة ملونة للرجل، بينما اكتفت بذكر وفاة عبيد فى الصفحة الثالثة مع صورة من جنازته!
ما يهمنى قوله بعد هذه الملاحظات السريعة إن نصيب المرء من الحفاوة والاهتمام عند رحيله مرتهن بما قدمه للناس فى حياته، فإذا كان من الذين يضعون نصب أعينهم مصالح الغالبية العظمى من الشعب، فالشعب سيبكيه ويقدّره عند الرحيل، أما إذا كان ممن يتخذون قرارات تضر مصالح الملايين من أجل خدمة حفنة من الأثرياء، فإن الناس ستنساه ولن تحزن على غيابه!
هذا هو الفرق بين رجب وعبيد!