بمناسبة رحيل الكاتب الكبير أحمد رجب عاد الجدل من جديد حول موقع أحمد رجب من السلطة وهل كان رجب مساندا للسلطة على طول الخط أم أنه كانت له اتجاهاته وميوله والأهم أنه تعرض لأزمات بسبب آرائه كان أبرزها ما جرى عندما حذف ممتاز القط جملة من كاريكاتير لأحمد رجب عن فلاح كفر الهنادوة مع مبارك عام 2006، ووقتها كان رجب ينتقد سياسات الحزب الوطنى والفساد والوزراء والحكومة، وفى أخبار اليوم. وكثيرا ما كان يكتب عن قضايا ومشكلات يتم حلها.
أحمد رجب كان كاتبا موهوبا وتدل أعماله الأولى على كاتب ساخر كان يستطيع صنع دراما ساخرة خاصة فى النقد الاجتماعى، وفى كتابه الأول «كلام فارغ» قدم نقدا كبيرا للسينما التافهة التجارية مبكرا فى السبعينيات، وكان أكثر من انتقد البيروقراطية والنفاق فى أعماله، وهناك «الوزير جاى» التى تحولت إلى فيلم كان من أهم الأفلام التى تناقش البيروقراطية بعمق وسخرية، كما أن أحمد رجب ومحمد عفيفى كانا من أول من قدم العبارات المركزة قبل سنوات من تويتر. وكانت «نص كلمة»، زادا يوميا وسخرية من تصريحات أو سياسات أو فساد، كان هذا كله على طريقته، وهى عبارات ما تزال بعضها صالحة ومستمرة.
والأهم أن من ينتقدون أحمد رجب يتجاهلون أن الكاتب هو «مجمل أعماله»، وليس بموقف هنا أو هناك، مع الأخذ فى الاعتبار أن أحمد رجب هو كاتب الطبقة الوسطى الأغلبية الصامتة، ويعبر عن قطاع واسع من الشعب المصرى وما سمى «حزب الكنبة».
وفى روايته التى تحولت إلى فيلم كان أحمد رجب ينتقد التنظيمات اليسارية التى تنقسم على نفسها وتختلف حول كلاشيهات وعبارات جامدة، بينما هم منعزلون عن الشارع، لم يكن أحمد رجب صاحب انتماءات سياسية لليمين أو اليسار، وبالرغم من انتقادات اليسار لأحمد رجب بعد إنتاج فوزية البرجوازية، لكنهم لم يستطيعوا الرد على الانتقادات أو يقدموا ما ينفى كونهم يعيشون فى سجن الكلاشيهات، وينقسمون فيما بينهم ويعجزون عن مخاطبة الجمهور، ولاتزال هذه التنظيمات أو أغلبها تسجن نفسها فى الكلاشيهات.
وكثيرا ما كان أحمد رجب يوجه انتقادات للحزب الوطنى ولنظام مبارك، على طريقته، وكان ذو تأثير واضح فى هذا الشأن، ثم أنه لم يتربح من عمله أو يتخذ مواقف من أجل تحقيق ربح مادى أو معنوى، وعلى من ينظرون إليه أن يضعوا تقييمهم على مجمل أعماله، ومنها «نص كلمة» ليكتشفوا كيف كان أحمد رجب كاتبا صاحب مشروع ومدرسة فى السخرية والنقد الاجتماعى والسياسى.