ناصر عراق

سيد درويش.. فنان المدينة الحديثة!

الإثنين، 15 سبتمبر 2014 04:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا ظل سيد درويش حيًا بيننا حتى الآن برغم أن اليوم 15 سبتمبر يوافق الذكرى الحادية والتسعين على رحيله، إذ غاب عن دنيانا فى مثل هذا اليوم من عام 1923؟ وكيف نفسر حضور أغنياته المدهشة فى وجدان الأجيال المتعاقبة فيرددها الشباب فى مناسبات مختلفة؟ وما السر فى انتقال إبداعه الموسيقى من قرن إلى آخر بكل يسر وسهولة، ولا تنس أن نشيدنا الوطنى «بلادى بلادى» من تلحينه؟

فى ظنى أننا لا يمكن أن نفهم عبقرية سيد درويش إلا فى إطار فهمنا لتطور مدينتى الإسكندرية والقاهرة، اللتين تحررتا من أجواء العصور الوسطى وانتقلتا إلى دنيا المدن الحديثة مع نهايات القرن التاسع عشر، ولعلك تتفق معى على أن المدينة الحديثة هى التى تضم المصانع والشركات والبنوك والمسارح والصحف ودور اللهو إلى آخره، أى هى التى يوجه فيها إنتاج السلع والبضائع إلى السوق وفق قانون العرض والطلب كما يحدث فى المدن الأوروبية التى دخلت عصر النظام الرأسمالى مثل لندن وباريس وروما وبرلين.

من هنا يمكن اعتبار سيد درويش ابنا بارًا للمدينة الحديثة، وليس للريف أو الصعيد، فمجمل إنتاجه الغنائى موجّه إلى سكان المدن من الطبقتين الوسطى والصغيرة، حتى وإن شدا للباعة والعربجية والجرسونات، وبالمناسبة هل يوجد (جرسونات) إلا فى المدن حيث المطاعم والمقاهى والبارات!

لقد ولد فى الإسكندرية عام 1892، وتركها وجاء إلى القاهرة عام 1916 بناء على نصيحة الشيخ سلامة حجازى، ولأنه يمتلك موهبة خارقة معززة بحس وطنى رفيع فقد استجاب لثورة الشعب ضد الاحتلال الإنجليزى فى مارس من عام 1919، وأطلق طاقاته كلها يلحن ويغنى ويرصد حركة المجتمع، منتبها إلى أن مصر عرفت طريقها نحو التقدم، وأن الموسيقى يجب أن تتخلص من إرث العصور المملوكية والعثمانية لتتوافق مع ذوق الإنسان فى عصر المدينة الحديثة، ولا شك أنه أنصت جيدًا إلى الفرق الأجنبية التى كانت تتوافد على مصر لتقدم أعمالها فى الأوبرا، فاستفاد وأفاد حتى أصبح المجدد الأول فى الموسيقى العربية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة