أكرم القصاص

الأدب والسياسة فى زمن ملتبس

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014 06:45 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحياة فى ظل الكلاشيهات مريحة، تقدم لصاحبها وضعا سهلا مريحا، أن يرى الآخرين دائما على خطأ، وأنه على صواب، وليس فى حاجة لمراجعة موقفه أو آرائه.

كنا نقول هذا بمناسبة رؤية البعض لكتابات الراحل أحمد رجب واعتباره رجلا كان دائما يؤيد السلطة أى سلطة. وقلنا إن أصحاب هذا الرأى

لم يقرأوا كل ما كتب أحمد رجب، ولم يطلعوا على كتبه، خاصة الأولى منها، ثم أنهم يختصرون السلطة بأنها هى فقط الحاكم ومن حوله.. وحتى فى هذا فإن أحمد رجب كان ناقدا اجتماعيا على طريقته.
والمثير أن هناك قطاعا واسعا من اليسار كان يرى فى الروائى الراحل الكبير نجيب محفوظ مهادنا للسلطة، وأنه كان غالبا يختار السلامة. وظل موقف قطاع من اليسار تجاه محفوظ ثابتا

بينما تغير آخرون وقدموا رؤى نقدية تجاه أعماله تتجاوز الكلاشيهات، ونظريات المادية الجدلية.
رحل نجيب محفوظ وترك مشروعا روائيا هو الأكبر والأكثر عمقا، وكان دائما يطلب من ناقديه أن يعتبروا آراءه الأدبية هى الأصل، بينما تصريحاته ومواقفه المعلنة كانت كثيرا ما تقترب من المجاملة حتى لأدباء ضعفاء.

واللافت أن كثيرين ممن اعتادوا انتقاد مواقف نجيب محفوظ أو يوسف إدريس، ومن انتقدوا محمود السعدنى أو أحمد رجب، لم يقدموا شيئا للأدب أو النقد غير كلاشيهات ميتة وباردة لاعلاقة لها بالأدب أو الثقافة. بينما كان لنجيب محفوظ مشروعه الروائى الأكبر والأكثر اكتمالا عربيا، فضلا عن كونه يقدم تاريخا اجتماعيا، وسياسيا للشعب المصرى.

ثم إن الحكم على الكاتب أو المبدع عادة ما يتم بناء على ماتبقى صالحا ومؤثرا، بعد سنوات وعقود من غياب صاحبه، وهو أمر ينطبق على كتب وإبداعات أحمد رجب فيما يخص السخرية والنقد الاجتماعى. أحمد رجب قدم عدة كتب عن الحب والزواج وفكاهات الأزواج والغناء. ومن الصعب أن يتم حبسه فى كلام سياسى ومواقف هى نفسها متغيرة.

والأهم أن السلطة ليست فقط هى سلطة الحكم، وإن كانت الأبرز، بينما السلطة الاجتماعية والدينية والمال كلها تكون ذات تأثير قوى يتجاوز أحيانا أى سلطة أخرى تنافسها أو تحالفها.

لقد بقى نجيب محفوظ، واختفى كثيرون ممن هاجموه وحاولوا الانتقاص من قيمته، وبقى يوسف إدريس، ويبقى السعدنى وأحمد رجب. بينما يزول من يعيشون داخل «الكلاشيهات المحبطة»، فضلا عن الإبداع الزاعق، الذى اشتهر فقط لظروف سياسية، وسوف يتراجع مع تراجع هذا الحال الملتبس.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة