كان نزوله إلى أرض الملعب كفيلا بأن ينقل إلى قلبك شعورا بحريق ما اشتعل فى حشائش المستطيل الأخضر.
تنين ينفث نار الحماس فى عشب الملعب، وفى شرايين لاعبى الفريقين وفى الأحبال الصوتية للجماهير، فلا يهتف أحد سوى باسم حسام، ولا ترى كاميرات أحمد الهن ووفاء فاضل وماهر تليمة لاعبا آخر فى الملعب سوى حسام.
تصطاد الكاميرات ضربة رأسه الصلعاء للكرة وهى تتهادى عن يمين ويسار الحراس، كما تصطاد ملامح وجهه الصارمة، وعينه الدامعة، وعروق رقبته الظاهرة كلما كان فريقه فى مأزق أو اقترب الحكم من إطلاق صفارة النهاية أو ضاعت منه فرصة سهلة.
لم نعرف عن حسام حسن وتوأمه إبراهيم فى كل نسخهم سواء النسخة الأهلاوية أو الزملكاوية أو الاتحادية، أنهم مجرد لاعبين للكرة، كنا نراهما مقاتلين فى الأرض، يملكان مخزون الأرض من التصميم والإصرار، لا يقهرهما لاعب ولا يقهقرهما هجوم، ردهما حاضر ولا يسمحان بأن يخضعهما فريق لطريقة لعب معينة، حسام تحديدا كان يتقافز متعصبا أمام مرمى الخصم إن تعثرت الكرة ولم تصله لإيداعها فى المرمى، ويكاد يجرى خلفها ليطعنها بنصل حاد عقابا لها على إحراجه أمام الجماهير.
كان هذا حسام حسن، ومن خلفه كان إبراهيم يقف مناصرا وداعما، أما الوجهان الشاحبان اللذان ظهرا على الكاميرات ساكنين خاضعين صامتين أمام شتائم مرتضى منصور وإهانة كرامتهما الكروية والتدخل فى عملهما الفنى فلا أعرف لهما صاحبين، ولا أستطيع أن أصدق أنهما التوأمان اللذان زرعا فى أراضى ملاعب مصر كل بذور الحماس والتمرد.
خرس حسام حسن تحديدا أمام هجوم مرتضى وشتائمه والطعن فى مهارته كمدرب أو شخص فاهم للكرة أصلا، خرس لسنوات كثيرة من الماضى تربينا فيها على أن الرجولة تعنى حسام حسن، والتمرد لم يولد فى الملعب إلا على يد حسام حسن، فكيف تحول المهاجم الذى كان يرفض تدخل مدافع لسرقة الكرة منه أمام المرمى إلى مدرب خانع وصامت أمام رئيس نادٍ يسرق كرامته أمام ملايين الجماهير المصرية؟!
مرتضى يصرخ بعد هزيمة السوبر: «التوأم ضيعوا بطولة السوبر وأنا ماشوفتش مدرب للزمالك النهارده، ده لو أمى دربت اللاعيبة دى هاتجيب بطولات».
وحسام يلملم أذيال خيبته ويدخل إلى غرفة الملابس، ثم يخرج منها إلى المنزل مصابا بالخرس، بينما المستشار ينهش فى كرامته الكروية على كل الفضائيات.
الكل ينتظر الرد من حسام، ولكن عروق حسام التى كان دمه ينتفض بداخلها ويظهرها على الشاشات حتى فى الماتشات الودية أصابها على ما يبدو الوهن، أو ربما الخوف من الفشل الثانى أو الثالث مع الزمالك، أو ربما هو الزمن فعل فى حسام ما لم ينجح فى فعله نصف مدافعى الأرض، أصاب عزمته فى مقتل، وشاخت كرامته الكروية فأصبحت تقبل بالإهانة بعد أن كانت لا تقبل أبدا الخروج خاسرة حتى فى تقسيمة التدريبات.
ياخسارة ياحسام، ياخسارة سنين عمرنا، ياخسارة الذكريات!!