حسنًا فعل القضاء المصرى حين أفرج عن علاء عبدالفتاح بكفالة، فهذه إشارة إلى أن أولى الأمر عندنا بصدد مراجعة بعض بنود قانون التظاهر التى تتعارض مع أهداف ثورتى يناير ويونيو، وحتى لا يصبح هذا القانون الذى صدر فى لحظة سياسية حرجة مؤقتة وصمة عار على جبين حكومات جاءت بعد الإطاحة بنظامين بائسين!
فى البداية، نؤكد أننا ضد أى قانون يمنع حرية الرأى والتعبير السلميين، وأننا مع حق التظاهر السلمى فى أى وقت وأى مكان، وأننا انتقدنا قرار الحكومة السابقة حين ألقت القبض على بعض النشطاء السياسيين بحجة خرق قانون التظاهر، وقد طالبت فى هذا المكان الرئيس السابق عدلى منصور بإصدار عفو رئاسى عن النشطاء فى مقال بعنوان «النشطاء والعفو الرئاسى/ 10 إبريل 2014»، كل هذا مفهوم.. لكننى هنا سأناقش علاقة الثوار بالجماهير، هذه العلاقة المركبة والمعقدة، والتى لم تنل حظها من الدراسة العميقة- بكل أسف- رغم أهميتها القصوى.
يوضح لنا التاريخ أن كل الثورات الناجحة نهضت على اندماج الوعى الثورى بالغضب الجماهيرى، فإذا أعلن الثوار انطلاق الثورة التحمت بهم الجماهير على الفور، حتى صارت الحشود فى الشوارع والميادين بمئات الآلاف، الأمر الذى ييسر عملية إسقاط النظام الظالم.. هذا ما حدث فى الثورات الفرنسية والروسية والصينية والإيرانية والرومانية.
أما إذا تغاضى الثوار عن قراءة المزاج العام للجماهير، وهل هم على استعداد للخروج والتظاهر، فإنهم – أى الثوار – لن يحصدوا سوى الخيبة والمرارة، وربما اللعنات من الجماهير أنفسها إذا رفضت الاستجابة للتظاهر.
عندنا فى مصر أخفق غالبية «الثوار» فى قراءة المزاج العام للجماهير قراءة دقيقة، وظنوا أن الملايين التى خرجت فى يناير ويونيو مازالت تملك العافية الثورية للخروج ضد قانون التظاهر، أو ضد ارتفاع الأسعار، وهذا خطأ قاتل لأن الناس اعتراها الإنهاك الثورى، وباتت إلى الاسترخاء أقرب بعد أن شعرت بقوتها فى طرد رئيسين فى أقل من ثلاث سنوات، لذا اختارت التريث والعودة إلى حياتها الطبيعية.
ليت ثوارنا يستوعبون العلاقة الحساسة بينهم وبين جموع الشعب إذا كانوا يبحثون عن الحلم الجميل.