عزيزى المواطن: هل تشعر بفرق ما بين تولى السيسى مسؤولية الحكم وما قبلها؟ بالتأكيد هناك فرق. لو نظرنا للصورة الكلية، لو نظرنا لمصر بصورة ماكروسكوبية وليس ميكروسكوبية: نعم هناك فرق كبير. دولة كانت شبه مستباحة على الحدود - وطن يتمزق - شبه اجماع غربى على تركيع مصر وتنفيذ المخطط المرسوم - دول داعمة للتنظيم الدولى الإرهابى تضخ مليارات لترسيخ مفهوم الانقلاب الأهطل - منظمات حقوقية ودولية وبانكيمونية قاعدة على الساقطة واللقطة - مرة ضد قانون التظاهر ومرة أخرى دفاعهم عن نشطائهم الإبريليين المفضلين - ثم لعبة رابعة ونغمة المظلومية الفاشلة - هجمات إرهابية من أنصار وأجناد وكلاب وجرذان ملتحية تحت أسماء مختلفة. ولابد هنا أن نتذكر بكل العرفان والتقدير شهداء الجيش والشرطة وأهاليهم الذين دفعوا ثمن عودة واستقرار الوطن بكل نبل وتضحية. ومن يقول هذه وظيفتهم وشغلهم أقول له لا يوجد أنبل من وظيفة يكون ثمنها أرواح بشر.
وإذا نظرنا ماكروسكوبيا أيضا: أرى عودة البهجة والأمن والثقة فى نفوس المصريين. نعم هناك تحسن ملحوظ فى عودة الاستقرار الأمنى ولا يجب أن ننسى أنه أثناء حملة المشير السيسى، كان المطلب الأساسى هو الأمن والأمن والأمن على المدى القصير. طبيعى مازال هناك انفلات وحوادث إرهابية، ولكن إذا نظرنا إجمالا للصورة الكلية.. نعم هناك فرق ملحوظ. ماكروسكوبيا: السياسة الخارجية مختلفة - أكثر جرأة وأكثر تفاعلا مع نبض الشارع مثلما رأينا فى ردود الأفعال تجاه التغطرس الأمريكى - وأيضا تعامل محترف ومتميز مع قضية عودة المصريين من ليبيا. ماكروسكوبيا: مشروع قناة السويس الجديدة: مشروع معنوى رائع وحتى لو كان العائد المادى ليس مثلما يقال بسبب محدودية زيادة عدد الناقلات وأن القناة الحالية تستوعب أى زيادة متوقعة. ولكن الشق المعنوى هام جدا، ولا ننسى أن حفر القناة الجديدة هو خطوة فى طريق تنمية شاملة لمحور قناة السويس، وهذا هو الذى سيحدث طفرة ونقلة فى الاقتصاد المصرى وليس حفر القناة فى الحقيقة. المشاركة الرائعة للمصريين فى شراء شهادات استثمار قناة السويس وهناك من يقول إن السبب هو نسبة الفائدة المرتفعة.. نعم وألف نعم.. السياسات والقرارات التى توازن بذكاء بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة هى عين الصواب أما الاعتماد فقط على نغمة التبرع وحب مصر وكل هذه الشعارات تصلح فقط لأوبريت مسائى وليس بناء دولة. أما إذا نظرنا ميكروسكوبيا فكنا نتوقع من السيسى بعض الثورية فى تشكيل الحكومة، ونشعر بتغيير فى الفكر ولكن يبدو أن هناك حسابات ومواءمات ما. هناك ضبابية أيضا حول معاونى الرئيس وقصة الفريق الرئاسى أشرت لها فى مقالى السابق. قد نلتمس للسيسى بعض العذر فقد قضى عمره كله فى التعامل مع عسكريين ولن يستطيع بسهولة وبسرعة التحول فى الاعتماد على المدنيين والثقة بهم. هناك تفاوت فى درجة التردد فى التواصل communication frequency ستحتاج لبعض الوقت. ولكن السيسى كان رائعا فى إعطاء القدوة فى احترام الآخرين، فهو يحترم نفسه، ويحترم الآخر، عف اللسان.
إذا نظرنا ميكروسكوبيا.. لا نجد إدارة سياسية جيدة ومقنعة لفكرة التبرع لصندوق تحيا مصر، مقارنة بالفكرة اللامعة لشهادات الاستثمار بعائد مجز. لم يعجبنى ظهور الرئيس بشنطة سامسونايت أمام أحد البنوك وكان من الأفضل والأوقع نشر ذمته المالية فى الجريدة الرسمية حسب المادة 145 من الدستور، وكان سيعطى قدوة بإعلاء مبدأ الشفافية واحترام الدستور فالرئيس السيسى له مصداقية كبيرة عند الشعب المصرى، وعندما يعلن عن تبرعه بنصف ثروته سيصدقه الشعب بدون الذهاب للبنك. ميكروسوكوبيا: تنفيذ قرار الحد الأقصى كان قرارا عاطفيا ومتسرعا واستسهاليا وغير مدروس.
ميكروسكوبيا غرقنا فى خدمات أساسية مثل الماء والكهرباء لغياب فكر هندسة الأولويات، وسياسة رد الفعل وليس الفعل reactive and not proactive وإجمالا أرى أن الصورة الماكروسكوبية الإيجابية أكثر أهمية وشمولا، فعودة وطن بحدوده وهويته واستقراره وأمنه أغلى كثيرا من أى أداء سلبى سيتحسن فى المستقبل.