قالت دار الإفتاء المصرية، إنه من ضمن الآداب العامة للحج و العمرة أن يتحرى الحاج او المعتمر من أن تكون نفقته حلالًا، ليكون أبلغ فى استجابة دعائه، فإن حج بمال حرام صح حجه فى ظاهر الحكم، لكنه ليس حجًّا مبرورًا، وهو ما جاء ليؤكد فتوى للشيخ حسن مأمون، مفتى الديار المصرية الأسبق، بتلقيه سؤالًا حول حكم فريضة الحج بالمال المسروق والمال الموهوب والمال المقترض على أن يقوم الحاج بسداد هذا الدين بعد عودته من الحج؟
كان جواب مفتى الديار الأسبق، أن الحج الفرض بمال حرام أو مسروق يسقط به الفرض، ولكنه غير مقبول، ولا تنافى بين سقوط الفرض به وعدم قبوله، لأنه لا يلزم من الصحة القبول، كما فى الصائم الذى يغتاب الناس فإنه يسقط عنه فرض الصوم لأدائه بأركانه وشروطه ولكنه لا يقبل منه ولا يثاب عليه، وتابع فى فتواه: الحج بالمال الموهوب لا خلاف فى جوازه فرضًا كان الحج أو نفلًا، لأن الموهوب له يملك المال الموهوب له بالهبة بقبضه، والحج بالمال المقترض جائز، ومثله مثل الحج بالمال الموهوب.
وأشار إلى أن الحج فريضة على كل مسلم مكلف استطاع إليه سبيلا، فمتى أداه المكلف بشروطه وأركانه صح شرعًا وسقط عنه سواء أداه بمال حلال أو حرام، غير أنه إذا كان أداؤه بمال حرام كان حجه صحيحا، ولكنه غير مقبول، ومعنى ذلك أنه لا يعاقب عقاب تارك الحج ولكن لا يقبل منه ولا يثاب عليه لأنه أداه بمال حرام، ولا تنافى بين سقوط الفرض عنه وعدم قبوله لأنه لا يلزم من الصحة القبول، وصار كالصائم الذى يغتاب الناس فإنه يسقط عنه فرض الصوم لأدائه بأركانه وشروطه ولكنه لا يقبل منه ولا يثاب عليه لارتكابه معصية الغيبة، ومن هذا يعلم أن الحج بالمال المسروق أو بأى مال حرام يسقط به الفرض ولكنه غير مقبول عند الله تعالى.
أما الحج بالمال الموهوب وهو الشطر الثانى من السؤال، فإنه لا خلاف فى جوازه فرضا كان الحج أو نفلا، لأن الموهوب له يثبت له ملك أموال الهبة ملكا صحيحا بمجرد القبض، ويكون له حق التصرف فيها بسائر أنواع التصرفات ويترتب عليه ما يترتب على الحاج بالمال الحلال من صحة الحج وتحصيل الثواب المدخر عند الله لمن أدى هذه الفريضة أما أداء الفريضة بالمال المقترض على أن يقوم بسداد هذا الدين بعد عودته من حجه كما جاء بالشطر الأخير من السؤال، فإن الحكم لا يختلف عما قررناه فى الحج بالمال الموهوب من صحة الحج لأداء الفعل بشروطه وأركانه وتحصيل الثواب المترتب عليه.
ولا حرج عليه فى الاستعانة إذا كان قادرا على الوفاء بدينه، أما إذا كان أكبر رأيه أنه لو استقرض ما يكفيه للحج لا يقدر على قضائه، فإن الأفضل له فى هذه الحالة عدمه، لأنهم نصوا على ذلك فى الزكاة، وإذا كان هذا فى الزكاة التى تعلق بها حق الفقراء ففى الحج أولى ( راجع حاشية ابن عابدين فى أول كتاب الحج )
ينبغى للحاج أن تكون النفقة من مال حلال فإذا كانت النفقة من مال حلال ونادى الحاج وقال "لبيك اللهم لبيك"، نودى من قبل الله عز وجل "لبيك عبدى وسعديك حجك مقبول وذنبك مغفور وارجع مأجورًا غير مأزور"، أما إذا كانت النفقة من حرام وقال الحاج "لبيك اللهم لبيك"، نودى من قبل الله عز وجل "لا لبيك عبدى ولا سعديك حجك غير مقبول وذنبك غير مغفور وارجع مأزورا غير مأجور".
وأضاف: "كل من وقف بعرفات وطاف بالبيت وسعى بين الصفا و المروة وأدى مناسك الحج كاملة سقط عنه الفرض وهناك فرق بين سقوط الفرض و بين القبول فإن الله سبحانه وتعالى لا يقبل أى عمل كان غير خالص لوجه الله، فكل من تسول له نفسه أن يذهب إلى بيت الله الحرام وماله حرام فالشواهد تقول إن صاحب النفقة من حرام حجه مردود وذنبه غير مغفور أما ما دام وقف بعرفات فيكون حجاً أسقط الحج فقط ولكن هل هذا الحج غفر الله به ذنوبه فالجواب لا، لأن النفقة من حرام وما دامت النفقة من حرام فلا يقبل لصاحب هذا العمل عملا وليس له أجر على عمله هذا.
قال الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فرع أسيوط، إن الفتوى التى أفتى بها الشيخ حسن مأمون فتوى صحيحة من ناحية الشرع لكن المسلم الحق يجب عليه ألا يبحث عن مسألة إسقاط الفرض فقط وإنما يبحث عن شيئين الأول هو مغفرة الذنوب لقول النبى صل الله عليه وسلم: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والثانى هو طلب الثواب من الله سبحانه وتعالى، لافتا إلى أنه من المعلوم أن عامة المسلمين كل واحد منهم ولاسيما إن كان فقيرا يظل طوال حياته يجمع الأموال الحلال حتى يكون حجه مقبولا علما بأن هناك رأى آخر يبين أن الحج بمال حرام حج مردود وغير مقبول ويذهب إليه طائفة من أهل العلم.
اتفاق حول رأى "الإفتاء" بشأن الحج بأموال حرام.. فقهاء: صحيحة ظاهرًا لكنها غير مقبولة.. وصاحب المال الحرام حجه مردود.. عميد "أصول الدين بأسيوط": على المسلم ألا يبحث فقط عن "إسقاط الفرض" دون قبول حجه
الجمعة، 19 سبتمبر 2014 12:49 م
حجاج – أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة