أطلق الدكتور محمد أبوالغار، رئيس الحزب الديمقراطى الاجتماعى، صيحة تحذير قوية حول الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال فى حوار معه على صفحات الزميلة «الشروق» أمس: «قانون تقسيم الدوائر لا يحتاج إلى مجهود فى وضعه، وله طريقة جغرافية ثابتة حسب الوحدات المحلية وأقسام الشرطة، ويثير هذا التأخير شكوكا فى أن وزارة الداخلية ستلعب فى الانتخابات، مثلما حدث فى عهد أحمد عز وكمال الشاذلى، عندما كان تقسيم الدوائر يتغير لمصلحة أشخاص محددين، فـ «الشاذلى» حذف مناطق كانت ضده ووضعها فى دائرة أخرى».
تخوف الدكتور «أبوالغار»، أعادنى إلى قصة سمعتها تفصيليا فى شهر رمضان الماضى من نائب برلمانى سابق «قبل ثورة 25 يناير» بإحدى دوائر محافظة القليوبية وتعطينا جانباً مما كان يدور فى الكواليس من نظام مبارك من أجل ضمان فوز من يريده النظام سواء كان مؤيداً أو معارضاً له. قال «النائب» الذى لم يأذن لى بالإفصاح عن اسمه، إنه فى عام 1990 تلقى مكالمة هاتفية من نائب مشهور لـ«الوطنى» وهو أقدم نائب فى المحافظة وقتئذ يطلب منه اللقاء على وجه السرعة، وفى غرفة مغلقة بحضور أمين الحزب الوطنى فى المحافظة وقتئذ حدث اللقاء.
دار اللقاء حول تعديلات ستحدث فى بعض دوائر القليوبية، وقال «النائب القديم» لـ«الرجل» الذى قرر خوض الانتخابات وكان وجها سياسيا وشعبيا معروفا فى دائرته ومن قيادات «الوطنى» أيضاً: «فيه تقسيم جديد لبعض الدوائر، واحنا عايزين نبعدك عن منافسة «فلان» لأنه يخصنا، وفى نفس الوقت عايزين «إسقاط مرشح» المعارضة «اللى موجود فى الدائرة المجاورة لأن مطلوب إسقاطه بأى طريقة، فسأل «الرجل» عن كيفية إتمام ذلك، فقال له «النائب القديم» ومعه أمين الحزب الوطنى: «هننقل بلدك من دائرتها المعتادة إلى الدائرة المجاورة، وبهذا الوضع تبتعد عن منافسة مرشحنا، وتترشح فى الدائرة الجديدة أمام المرشح المعارض وأنت لديك الشعبية المؤهلة، ولن تتركك أجهزة الأمن». الأمر لم يتوقف عند حد نقل قرية «الرجل» إلى الدائرة المجاورة، وإنما تكاتف الحاضرون فى مسألة الحساب بدقة لعدد القرى التى له فيها لـ«الرجل» شعبية كبيرة، وحساب القرى فى الدائرة المجاورة التى يحوز فيها «المرشح المعارض» على شعبية كبيرة، وتم حساب القوة التصويتية فى الدائرتين، وعلى هذا الأساس جرى الاتفاق بين الحاضرين على طريقة تقسيم الدائرتين من جديد، وفجأة استيقظت قرى الدائرتين على عملية قص ولزق عجيبة لم تعهدها من قبل بحيث يتم تنفيذ السيناريو المعد، وبالرغم من هذه الخطة الجهنمية، فإنه حدث ما لم يكن فى الحسبان.
فبينما استعدت الدائرتان للانتخابات بتقسيمهما الجديد، تغيرت وجهة نظر «النظام» نحو المرشح المعارض، وقرر النظام إنجاحه، وتحولت عملية «القص واللزق» فى تقسيم الدائرتين إلى مشكلة كبيرة، خاصة بعد أن صمم «الرجل» على خوض الترشيح وعدم الاستجابة لأوامر الأمن و«النائب القديم» بالانسحاب حتى يفسح المجال لمرشح المعارضة.
هكذا كان يتم التلاعب بالانتخابات فى زمن مبارك، وفى تقسيم الدوائر أثناء حكم مرسى، كانت هناك شبهات حول تقسيمها لصالح الإخوان، فهل سيتكرر نفس الأمر؟