صيحات التكبير من فتى جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية بعد تفجير مدرعة شرطة فى سيناء، تكشف عن أزمة فكرية كبيرة، وكيف أن القتل لدى "بيت المقدس" منهاج تفكير وأسلوب حياة ليس فقط بغرض الانتقام من الشرطة على انتهاك بحق أعضائها.
التكبير ورد فى فيديو بثته "بيت المقدس"، والفيديو، ليس الأول، سبقه العشرات من الإصدارات المرئية طيلة الشهور الماضية، وكل إصدار يحمل عنوانا، ويناقش قضية بعينها ويعرض معلومات جديدة عن كل عملية تنفذها الجماعة بمشاهد جديدة لم تظهر من قبل للرأى العام قبل وبعد التنفيذ.
لو حللت فيديوهات "بيت المقدس"، ستجد حرص الجماعة على توثيق أى عملية تنفذها بـ"الفيديو" مهما كانت خطورة العملية وصعوبة التصوير، فى المحاولة الأصعب لاغتيال وزير الداخلية، كانت كاميرات "بيت المقدس" تصور المكان قبل وبعد وأثناء التنفيذ، وفى عملية تفجير مديرية أمن جنوب سيناء كانت كاميرات بيت المقدس لا تفصلها سوى عشرات الأمتار عن موقع الانفجار، وتكرر الأمر فى عمليتى مديرية أمن القاهرة والقليوبية ومبنى المخابرات برفح وطائرة سام 7 بوسط سيناء.
النتيجة الأكيدة، هى أن الجماعة تتبنى منهجا واضحا وهو "التصوير" قبل "التفجير"، لأنها تتدرك أن أى عملية تنفذها ضد الشرطة عديمة الفائدة دون أن تخرج تفاصيلها وصورها للرأى العام، هى تناور بقطاع من المجتمع، قد يكون قريب الفكر منها، تحاول أن تجذبه لها وتكسب تعاطفه على الأقل أن لم تفز بانضمامه لعضويتها وإعلان البيعة لها، مع الأخذ فى الاعتبار أنها تواصل الدفع بجرعات إحباط للشرطة والجيش بعد كل فيديو جديد تبثه على "الإنترنت"، تريد أن تكسر هيبة الداخلية مع كل عملية.
إذن نحن أمام جماعة لا تواجهنا فقط بسلاحها الآلى ولكن أيضا بـ"سلاح الإعلام"، فهل نحن بجهازنا الأمنى نصد ضرباتها الإعلامية.. الحقيقة أن إعلامنا الأمنى "بعافية شوية"، راجع فيديوهات الداخلية عن العمليات الكبيرة ستجد صورتها ضعيفة مهزوزة، فقيرة فيما تقدمه من معلومات رغم كل الإمكانيات المادية والمعنوية، وفى المقابل راجع فيديوهات "بيت المقدس"، ستجد صورة واضحة وتصوير فى أصعب اللحظات، مشاهد لم تكن تتوقع أن يتم توثيقها بالفيديو.
عندما تتعرض الداخلية لضربة موجعة، يتعامل الإعلام الأمنى معها فى حدود 3 خطوات، أولها إصدار بيان نعى، والثانى إرسال صورة قديمة جدا للشهداء، والثالثة بيان مشاركة وزير الداخلية فى الجنازة مع فيديو، فى المقابل، بيت المقدس من وقت لآخر تنتج فيديوهات خاصة عن أعضائها المقتولين بصور حديثة مرفقة بأناشيد ولقطات أرشيفية لهم ومؤثرات صوتية فيخرج كعمل فنى متكامل.
حديثى عن إعلامنا الأمنى ليس تجريحا أو انتقادا بقدر ما هو مكاشفة للواقع، وصولا إلى أداء إعلامى يليق بمنظومة أمنية كبيرة فى مواجهة جماعات إرهابية، وليكن فيديو عودة المقدم ساطع النعمانى عمل اعتيادى وليس استثنائيا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة