نموذج مصرى مضىء فى زمن الظلام والتشويش والهرتلة، نموذج مصرى يعيدنا للأيام المجيدة، أيام التضحية بالنفس من أجل الوطن والناس والمستقبل الأفضل، أيام كانت كلمة الواجب لها معنى واضح مؤثر، وكلمة المسؤولية تساوى الشرف وتعطى وجود الإنسان معناه، ساطع النعمانى رجل مصرى ورب أسرة عادى، لكنه يعرف معنى المسئولية والواجب والوطن والشرف، ويؤدى مهام عمله بضمير حى، وتصادف أن يكون عمله هذا فى وزارة الداخلية، نائب مأمور قسم شرطة بولاق الدكرور فى وقت الفتنة الكبرى، وقت ثورة الشعب على فساد وظلم مبارك الذى تزامن مع المؤامرة الخارجية لنشر الفوضى وكسر الشرطة والجيش وإدخال البلد فى حرب أهلية تمهيدا لتفتيتها واقتسامها بمعرفة تنظيم الإخوان الدولى.
الرجل خرج من مكتبه ليواجه إطلاق النار العشوائى على أهالى بولاق من فوق كوبرى ثروت ومعه مساعدوه من الضباط والأفراد، أصيب بالرصاص الغادر فى وجهه، بعد أن وفر الحماية للأهالى، لذا أنقذه الأهالى وحملوه إلى أقرب مستشفى لتبدأ رحلة آلامه الطويلة بين مستشفى الشرطة وأكثر من بلد أوروبى ليعود بإصابات واضحة باقية وفقدانه إحدى عينيه. الجميل والملفت فى ساطع النعمانى الذى يجعل منه نموذجا يشار إليه، أن الألم والمعاناة لم تفسد روحه، ولم تزرع داخله الرغبة فى الانتقام، أو تحوله إلى تاجر يلف بمأساته لينال أكبر قدر من المكاسب، على العكس من ذلك، فوجئ بمحبة الناس، عند عودته، كما فوجئ بحفاوة الداخلية والحكومة بأعماله البطولية، ولم يكن له بعد عودته سوى أن يقوم بأى عمل داخل الداخلية، «أنا كل خوفى إن الوزارة تحيلنى للمعاش ومستعد أشتغل أى حاجة حتى لو هفتح باب الوزارة وأقفله، وابنى ياسين إن شاء الله هيطلع ضابط وهيكمل رسالتى، وأهالى بولاق فوق راسى».
هذه روح ساطع النعمانى الذى حمى أهالى بولاق من القتل العشوائى، وقاد مساعديه للدفاع عن قسم الشرطة ضد الحرق والتدمير، واعتبر ذلك مجرد أداء للواجب وتحمل للمسؤولية لا أكثر ولا أقل، وعندما أصيب الإصابة الخطيرة، قبل وتحمل على أساس أن كل شىء بقدر، وأن المخاطر جزء من طبيعة عمله، وأنه أفضل حالا من زملاء استشهدوا أو تعرضوا للقتل والسحل والتعذيب مع سبق الإصرار.. يارب احفظ بلدنا واحفظ لها رجالها الأوفياء.