الزيارة المرتقبة للرئيس عبدالفتاح السيسى للولايات المتحدة الأمريكية تثير العديد من الأسئلة، لا لأنها أول زيارة له وهو على قمة السلطة فحسب، وإنما لمستقبل علاقتنا مع أقوى دولة فى العالم، لكن قبل أن أخوض فى هذا الأمر، علينا التذكير ببعض البدهيات عن مصر وتاريخها.
أول هذه البديهيات أن مصر طوال أكثر من ألفى عام تعد مطمعا لكل القوى الكبرى فى العالم، فقد احتلها اليونان والرومان والعرب والمماليك والعثمانيون والأتراك والفرنسيون والإنجليز، ولم يحكم مصر طوال هذه القرون رجل مصرى واحد على الإطلاق حتى 23 يوليو 1952!
لا يغيب عنك أن السبب الرئيسى فى تلمظ القوى الكبرى فى العالم على مصر يعود إلى موقعها الجغرافى الفريد ومناخها الطيب ونيلها العجيب، فضلا على كثافتها البشرية التى تيسر على المحتلين توفير أياد عاملة بسعر التراب.. هذه هى البديهية الثانية.
تبقى البديهية الثالثة والأخيرة والمتمثلة فيما يسمى القوة الناعمة لمصر وهى إنتاجها الإبداعى الغزير والمتنوع، الذى يتسلل إلى وجدان كل سكان المنطقة العربية، وهو أمر يخيف أية قوى كبرى حتى لا يصبح لمصر تأثير خارجى على أحد!
حسنا.. إذا كان هذا الكلام صحيحاً، وأظنه كذلك، فكيف نرى مستقبل علاقتنا بأمريكا؟ علمًا بأننا منذ عهد السادات وحتى هذه اللحظة نسير وفق المنهج الأمريكى فى الاقتصاد، أى نعتمد على النظام الرأسمالى بكل عيوبه ومميزاته.
أما إذا تحدثنا عن السلاح، فأنت تلعم أن الأمريكان هم المورد الأول للسلاح بالنسبة لنا منذ أعلن السادات أن 99% من أوراق اللعبة فى يد أمريكا، وأنت تعلم أيضا أن الأمريكان يدعمون إسرائيل – التى تسطو على فلسطين على حدودنا – بكل وسائل القوة، فكيف سنعيد علاقتنا مع الأمريكان، ونحن مكبلون بكل هذه الأغلال التى ورثها السيسى عن أسلافه؟
لذا أطالب بأن ننظم مؤتمراً مصرياً لإعادة تقييم علاقتنا مع الأمريكان طوال أربعة عقود، وكيف ندير هذه العلاقة بشكل أنسب يحافظ على مصالح الغالبية العظمى من الشعب.. وهذا هو الهدف الأهم لأى حاكم مصرى!