(1)
لهذه الكلمات وجه آخر، لا تتعجل فى التعامل معها، اصبر وراقب وتسل..
يقول أنصار الرئيس:
المعارضون خونة، كل من يقول إن 25 يناير ثورة هو خائن، كل من يطلب تعديل قانون التظاهر هو عميل، كل من يطلب الإفراج عن النشطاء هو متأمر على مصر، كل من يطلب مصالحة وطنية هو طابور خامس وممول من الإخوان.
يقول الرئيس عبدالفتاح السيسى:
25 يناير ثورة شعبية عظيمة لولاها ما كانت 30 يونيو، والشباب والنشطاء هم عمود الوطن ومستقبله ودورهم فى الثورة وطنى بامتياز، وباب المصالحة الوطنية مفتوح بإرادة الشعب ولا إقصاء لأى تيار، وقانون التظاهر يتم دراسته من أجل تعديله.
(2)
طبقا لنظرية البرهان «Proof theory» التى صدعونا بها داخل المدارس أثناء حصص حساب المثلثات، نستطيع استنتاج الملخص التالى من الفقرة رقم «1»:
بما أن أنصار الرئيس ورموز الحياة الحزبية والإعلامية فى مصر يرون 25 يناير مؤامرة وكل من يصفها بالثورة خائن، ويؤمنون بأن كل داعم للشباب والنشطاء ومطالب بالإفراج عنهم عميل، ويعتقدون بأن كل من ينادى بتغيير قانون التظاهر فوضوى وممول من الخارج، ويصدقون بأن كل من يروج بالكلام للمصالحة الوطنية هو متأمر وطابور خامس ويكره مصر.. إذن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو رأس هؤلاء الخونة والمتأمرين والممولين وأول الواقفين فى صف الطابور الخامس لأننا لم نجد خطابا من خطاباته أو تصريحا من تصريحاته خاليا من وصف 25 يناير بالثورة والدعوة للمصالحة الوطنية، ومناقشة تعديلات قانون التظاهر.
تلك نتيجة رياضية بحتة، يمكنك الوصول إليها بعيدًا عن هوى المصالح، النظريات الرياضية لا تعرف التلوين ولا تخضع للمزاج الشخصى، وإن لم ترضَ بما أنتجته المعادلة الرياضية السابقة، تعالى نستزيد فى توضيح أهم 4 قضايا خلافية بين الرئيس السيسى وأنصاره، وكيف يصاب منافقو الرئيس بالخرس والصدمة حينما يرونه ويسمعونه يردد الأفكار التى يصرخ بها المعارضون أو من يراهم المنافقون عملاءً وخونة..
1 - ثورة 25 يناير..
فى الوقت الذى يبدى فيه السيسى حرصا غير عادى فى كل مناسبة وكل خطاب على تقديم التحية لثورة وثوار 25 يناير ويؤكد بحرص على أنها ثورة حقيقة وأن لولاها ما كانت 30 يونيو، يقابله أنصاره أو داعموه من الإعلاميين بحلقات فضائية وبرامج ومقالات تصف الثورة بالنكسة وكل مشارك فيها بالعميل، وبالتالى كل إعلامى أو سياسى تسمعه يردد تلك الاتهامات، فاعلم أنه يصوبها لصدر الرئيس قبل أن يصف بها آخرين.
2 - الشباب والنشطاء..
فى الوقت الذى يحرص الرئيس على ابداء الاحترام للشباب ودورهم السياسى ويدعوهم للمشاركة، يتطوع القائلون بأنهم أنصار بالهجوم على الشباب ووصفهم بالمفسدين والفوضوين والخونة والعملاء، ليضعوا رئيسهم دون عمد فى زاوية الإحراج لأنه وفقا لتصوراتهم يكون داعم أول للمفسدين والخونة.
3 - قانون التظاهر..
فى الوقت الذى نقل لنا جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى وعدا من الرئيس عبدالفتاح السيسى بتعديل ومراجعة قانون التظاهر ولم نسمع نفيا رئاسيا لهذه التصريحات بل شاهدنا تحركات حكومية فى هذا الملف، يظهر بعض الإعلاميين والسياسيين الذين يهوون حمل لافتات دعم الرئيس للتأكيد على أن أى شخص يطالب بتعديل قانون التظاهر هو عميل ويريد الفوضى والخراب لمصر، ولكن أحدهم لم يصدر له صوت لوصف من وعد الخارجية الأمريكية بتعديل هذا القانون؟!
4 - الإفراج عن النشطاء وملف المعتقلين
فى الوقت الذى تحركت فيه الدولة وأفرجت عن علاء عبدالفتاح وماهينور المصرى وقنديل والنوبى، مع وعود بمراجعة جديدة لملف المعتقلين، يستمر المحرضون الذين أعلنوا من قبل أن وجود هؤلاء الشباب فى السجون من أجل مصلحة مصر وتطبيقا للقانون بينما خروجهم ضد مصلحة مصر وانتهاك للقانون، صامتين أمام هذه الإجراءات ولم يصفوا الرئيس والسلطة بما كانوا يصفون به كل مطالب بالإفراج عن النشطاء!!
(3)
من زاوية نصف الكوب الممتلئ، حيث التفاؤل والإيجابية يمكنك أن تصف هذا الخلاف بأنه صحى، ودليل على تنوع الآراء، وعلى أن رئيس الجمهورية يسير فى طريق آخر غير طريق المحرضين من أنصاره على الإقصاء وكبت الحريات، ولكن من زاوية نصف الكوب الفارغ، حيث الواقع الذى يرى بطئا رسميا فى تحويل كل تصريحات الرئيس فى الشؤون السابق ذكرها إلى واقع على الأرض يمكنك أن تعتبر قلقك طبيعيًا، ويمكنك أن ترى الخلاف بين الرئيس وأنصاره مجرد خلاف فى طريقة العرض.. وهنا أيقظ خلايا الانتباه بداخلك حتى لا تروح ضحية للعبة تقسيم أدوار غير مدروسة، ومع ذلك فى هذه المرحلة من اللعبة من حقك أن تفرح كثيرا فى هؤلاء الذين يظنون أنهم امتلكوا ناصية الوطنية ثم يصيبهم الخرس وهم يرون أنفسهم مضطرين للهزيمة والصمت أمام رئيس يتكلم معهم بنفس اللغة التى يستخدمها من يقولون عنهم للناس أنهم أعداء الوطن.. «اشربوا».