كيف وصل الحوثيون إلى ما وصلوا إليه فى اليمن؟، كيف دخلوا صنعاء وكسروا كل أشكال المقاومة الحكومية والعشائرية، حتى دخلوا منازل اللواء على محسن الأحمر، واحتلوا المؤسسات الحيوية والوزارات، وفرضوا كلمتهم على الرئيس هادى منصور وسط انسحاب مريب للجيش والشرطة عن العاصمة صنعاء؟، كيف حدث أن كانت الأمم المتحدة والأطراف المعنية جميعا جاهزين لمثل الاتفاق الموقع تحت القصف، بأن يكون الحوثيون مسيطرين على كل سلطة قادمة، ويغلبون فى أى تشكيل حكومى مقبل؟، هل قبلت الدول العربية المعنية بأمن البحر الأحمر الذى هو جزء من أمنها القومى، أن يضع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئى قدمه على باب المندب؟ هل قبلت الإدارات المصرية والسعودية والإماراتية والعمانية الأمر؟
أعلم أن الأنظار كلها متجهة إلى الحرب على عفاريت داعش بين العراق وسوريا، العفاريت التى حضرها البيت الأبيض لتكون الفزاعة المخيفة لسنوات فى المنطقة بعد تراجع المخطط الأول بالحرب الأهلية، وتفتيت المجتمعات، وأعلم أن الإدارة الأمريكية مهووسة بقصف سوريا تحت ستار تدمير داعش، حتى تمكن للمعارضة الضعيفة هناك مواقعها فى المناطق التى تراجعت عنها، ومنحت بشار الأسد انتصارًا فعليًا ورمزيًا كبيرًا، وبالتالى تضعف الوجود الروسى شرق المتوسط، وتهدد بقاءه فى طرطوس، لكن ألا تمثل سيطرة الحوثيين على اليمن لطمة للمصالح الأمريكية نفسها، مثلما هى تهديد للمصالح المصرية والخليجية؟
كأن المنطقة العربية ميدان للعب بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل وتركيا الباحثة عن موطئ قدم لها، بينما الدول العربية جميعها مفعول بها! هذا التطور التراجيدى للأوضاع فى اليمن يجعلنا نفكر فى الأعاصير التى تحاصرنا من كل ناحية لتغيير القواعد الأساسية التى تقوم عليها دول المنطقة وأمنها الحيوى، وتجعل الخيارات محدودة فى ظل إنهاك الدول العربية الكبرى، وإشغالها بقضاياها الداخلية.
يمكننا القول إن الأوضاع فى اليمن والتطورات على الأرض هناك أصبحت جزءًا من الشأن الداخلى لأربعة بلاد عربية على الأقل، من بينها مصر والسعودية.