أتفق تماما مع «الثورية» نوارة نجم فى أن الظلم لا يبنى وطنًا، ولا يمكن لشخص لديه ضمير يقظ أن يقبل بظلم الأبرياء، فالظلم ظلمات، لكن أيضًا لا يمكن لمرض التثوراللاإرادى أن يبنى وطنًا، فالأوطان لا تعيش على المظاهرات والثورات اليومية، أو حتى السنوية.
الأوطان لا تبنى على الفوضى، والانفلات الأمنى، وعدم احترام القانون، وتدشين السباب والشتائم البذيئة، وشخصنة المعارك، وضيق الأفق وغياب الرؤى والطرح، والأمية الشديدة فى قراءة المشهد، واستنباط النتائج من بين السطور، والبحث عن المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة.
يا نوارة، لا يفوتك أن أعظم حضارات الأمم ظهرت للنور من رحم الأمن والاستقرار، وتقديس فضيلة العمل والإتقان، ودبت فى جسدها روح الأخلاق والأدب والثقافة وإنكار الذات، وإعلاء قيمة الانتماء وشأن الوطن، وليس بإهانة قواته المسلحة، وقتل جنوده وضباطه، وحرق المنشآت العامة، والتسخيف والتسفيه من كل القرارات ومحاولات الإصلاح والابتكارات والاختراعات، والأفكار الساعية لتحسين الأوضاع.
نعم يا سيدتى، أتفق معك فى أننا لابد أن ننحى المشاعر الشخصية من حب وكراهية جانبًا، ونُعلى من شأن القانون والدستور، لكن ما رأيك فى محاولات زملائك النشطاء والثوار فى مخالفة كل القوانين، وعدم احترامها، وآخرها قانون التظاهر، ورفض الانصياع له؟
الحقيقة أن كل الذين يتصدرون المشهد من المحتكرين لثورة 25 يناير، أقوال وليس أفعالًا، يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، ففى الوقت الذى يطالبون فيه بسيادة القانون واحترامه، أول من يخترقه هم من خلال سيل من السب والقذف، ونعت المخالفين لهم فى الرأى والفكر بأبشع الأوصاف على صفحاتهم على «فيس بوك» و«تويتر»، وعندما يرد عليهم الآخرون بنفس الشتائم، تقوم الدنيا ولا تقعد، ويطالبون بإعدامهم فى ميدان عام لأنهم أخطأوا فى ذات الثورة العليا.