الدولة / الطائفة التى نراها فى العراق وسوريا واليمن هى دول لا نريد لمصر أن تكون على حالها ومنوالها، والجماعة / الطائفة أو الحركة الاجتماعية / الطائفة لا نريد للحركات الاجتماعية فى مصر أن تكون على مثالها ومنوالها، وكلاهما كتبنا عنه واعتبرناه نموذجا للتخلف وللعودة إلى حالة ما قبل العقد الاجتماعى ومثال ذلك حزب الدعوة فى العراق وميلشيات بدر وعصائب أهل الحق وغيرها من الميلشيات فى العراق، وحزب الله فى لبنان حين يقاتل إلى جوار نظام بشار الدموى فى سوريا نموذجا لذلك، وأنصار الشريعة فى تونس التى تقاتل الدولة هناك نموذجا، والحوثيون الذين يطلقون على أنفسهم أنصار الله هم نموذج لذلك فى اليمن، وحركة أنصار الشريعة فى ليبيا والإخوان والذين يطلقون على أنفسهم فجر ليبيا هم نموذج آخر، والإخوان فى مصر حتى لو رفعوا شعار الثورة فهم نموذج للحركة الاجتماعية / الطائفة.
ومصر التى نريدها يجب أن تكون لكل المصريين طالما التزموا بالدستور والقانون وابتعدوا عن استخدام العنف كأداة فى الصراع الاجتماعى والسياسى، وهنا أطالب بكل وضوح أن تراجع الدولة المصرية مواقف المعتقلين لأسباب سياسية والذين وضعتهم النيابة على ذمة قضايا لكى تجعل من وجودهم فى الحبس قانونيا، هؤلاء مصريون، والدولة كانت فى سياق صراع اجتماعى وسياسى واسع، والمؤكد أن فى الحبس مظاليم، وأن الغبار فى المعارك الكبرى يخفى القدرة على التمييز، لكن مصر تجاوزت تلك المرحلة وعليها بسرعة وبشكل حاسم أن تتوقف لكى تكون دولة لكل المصريين تحترم القانون وتلتزم به ولا تقبل أن يكون فى السجن مظلوم.
هاتفتنى أم أحد هؤلاء المودعين فى السجن منذ عام، وهى تقول لى إن محمد سعادة وهذا اسمه منذ عام فى السجن وهو لا يعرف لنفسه قضية ولم يقدم لقاض حتى الآن، ولم يزره محام، وهو فى سجن طره، واستطردت الأم تقول أنا لا أعرف شيئا وأبوه مريض.
مصر التى نريدها لكل المصريين يجب أن يلتزم إعلامها بوقف الاحتراب الداخلى وخطاب الانقسام بين المصريين وأن يجعل من القانون واحترامه هو أساس الدولة المصرية الجديدة، وأن يكف عن تصفية الحسابات السياسية، أو أن يخلق من مجموعة فى المجتمع أيا كانت أفكارها كبشا للفداء نتوجه إليه بصرعات غضبنا أو إحباطنا أو عنفنا، فالفكرة تواجهها الفكرة والصراع السياسى القائم على تداول الأفكار والمناهج والبرامج هو حق لكل القوى الاجتماعية والسياسية طالما التزمت بالدستور والقانون وبعدت عن العنف فى الدعوة لأفكارها، والتزمت بالتنافس السياسى وليس بتغيير كل قواعد اللعبة السياسية أو الانقلاب عليها.
أنا هنا واضح وأقول لن تقبل الدولة المصرية تنظيمات سياسية أو فكرية تجند أعضاءها على أسس دينية، فالتنظيمات الدينية التى تتبنى الإسلام كمرجعية وتجعل منه أيديولوجية فى مجتمعات أغلبيتها مسلمة ثبت أنها تتحول إلى أداة فى مواجهة الدولة وتؤسس لحالة مواجهة مع المجتمع وحالة انقسام فيه وحالة شعور نفسى بالمفاصلة، وهنا كما نطالب الدولة بأن تكون لكل المصريين نطالب بأن لا تكون هناك تنظيمات ذات طابع شمولى تجعل من الإسلام مرجعية كالإخوان المسلمين.
فى المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة، كلنا مسلمون، واستصحاب أصل الإسلام لكل المسلمين هو الأصل، أما ادعاء أن تنظيما أيا كان يملك مرجعية لتصويب حال المسلمين والحكم عليهم وعلى أحوالهم، هنا الأزهر وهو من يقوم بهذا الأمر، وبقية المسلمين سواء فى نسبتهم للإسلام، كما نسبة كل المصريين لمصر.
أتذكر أننى فى عام 1981 كنت فى السجن وللظروف السياسية فقد تم الاعتقال العشوائى للآلاف، وبعد عام واحد أو أقل وبعد استقرار الأمور وظهور الخيط الأسود من الأبيض بدأ الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، يكفى عام لمراجعة أوضاع المساجين والإفراج عن من لم يثبت فى حقه ما يدينه.