منذ 1978 أتابع ما يسمى «الفتنة الطائفية»، تارة كباحث، وأخرى كصحفى، وقتل السادات وأتى مبارك ثم طنطاوى، وتلاه عدلى منصور وأخيرا السيسى، ثورتان، وخمسة رؤساء.. وبطركان (البابا شنودة والبابا تواضروس) ومعالجة قضايا الفتن الطائفية كما هى فى يد (الأمن والكنيسة) من تقرير جمال العطيفى وكيل مجلس الشعب بعد أحداث الخانكة ثم مطالب الأقباط لمريت غالى التى قدمها للسادات 1978، وقرارات مؤتمر الأقليات 1994، وأخيرا وثيقة المجلس الاستشارى، ولا جديد!!
لا شىء يحل إلا خارج القانون وفق اتفاق «همايونى» آخر الدولة تحكم فى الشعب والكنيسة تحكم الأقباط!! فى كل العصور.. ويشكو المدنيون من الحلول العرفية، ولغياب الدولة يلجأون إليها.. تصوروا أن الحلول العرفية هى السائدة حتى بعد 30 يونيو مثل صلح المطرية (الذى فرض فيه 100 ناقة و....) فى حضور الأمن وممثلى الدولة، وكباحث أجزم أن %90 من المشاكل تحل عرفيا، ومن ثم نشأت طبقة «العرفيين»، ثم ظهر بجانبها وجهاء جدد للأقباط على علاقة بالشرطة ويلجأون إليها لتهدئة الأمور ويسيسون القضايا وينتفعون بالترشح للمجالس النيابية، وظهر مصطلح النائب القبطى والناشط القبطى والباحث القبطى والصحفى القبطى.
وكنا نطالب سابقا بإلغاء خانة الديانة من البطاقة.. فصارت مهنة بجانب الديانة، وبجوار ذلك ظهر نفس الشىء وأصبح هناك مهنة «إسلامى»، وتقوم الفضائيات الدينية (الإسلامية والمسيحية) بتكريس ذلك، ويقوم بيزنس وتجارة كبيرة فنجد هؤلاء يرتزقون ويتقربون من المشايخ والأساقفة ويشكلون جمعيات ومؤسسات كنسية أو حقوقية، ويتفقون مع معدى الفضائيات المسيحية لتقديمهم للأقباط على أنهم المنقذون، ولا بأس أن يلتقيهم السيد وزير الداخلية أو مفتشو المباحث وتبث هذه اللقاءات فى القنوات الدينية، ولما لا.. والدستور الموسوى أعطى مشروعية دستورية «للفيدرالية».
ولذلك لا تندهشوا من أن محكمة الأمور المستعجلة لم تقرر حل حزب النور.. لأن التديين أصبح بفضل الطريقة «الموسوية الخمسينية» (حلال شرعا) وأصبح لقاء المشايخ والأساقفة واتباعهم مع الداخلية عنوان الحقيقة.. وأصبحت «تجارة المدنيين الدينيين بالفتنة الطائفية» تجارة رابحة، تقفز من يتاجر بها إلى كرسى البرلمان أو المجلس الملى أو يصير من مشاهير القنوات الدينية، وهكذا يتم تقسيم العمل ما بين الناشط والأسقف والإعلامى على حساب الضحايا، وملعون أبو القيم.. تهرب سيدة مع رجل من غير دينها فيتم إعلاء العار الطائفى على العار الاجتماعى.. ونتظاهر ونحن ضد قانون التظاهر، وتقوم الشرطة بتجريدة فلا يدعون إلى تحقيق، بل يتم التوازن بين الأسقف والناشط والإعلامى والشرطة، ويتم إخفاء الحقائق ويصفق الضحايا للبطل «الطائفى» وتسقط القيم.. ويعلو الزيف بشكل دستورى وشرطى وكنسى.. ومن يرفع عنى مر هذه الكأس؟