من سخريات الحرب الدولية ضد الإرهاب، أن يتحدث الرئيس التركى طيب رجب أردوغان عن دعمه لها، وتقديمه المساعدات من أجلها، هذا الموقف فى حد ذاته يلقى بظلال قوية من الشك على أهداف هذه الحرب، ويؤكد على أن كل المستهدف منها هو ترتيبات إقليمية جديدة للمنطقة، يتم طبخها فى دوائر صنع القرار الدولية المؤثرة، وتركيا ليست بعيدة عن ذلك، بل ضلع قوى فيه.
إذا كانت الحرب صحيحة فى أهدافها، وتتم لوجه الله ولصالح الإنسانية، فكيف يكون «أردوغان» داعمها، وهو أكبر الأطراف المسؤولة عما يجرى فى سوريا منذ جرها إلى الاقتتال على أراضيها بين الجماعات التكفيرية والإرهابية.
فتح أردوغان طرق وممرات بلاده أمام كل الإرهابيين فى العالم من أجل دخولهم إلى سوريا، تحدث صفوت حجازى ذات مرة وفى لحظة حماس كبيرة، وشعور بأنه فوق أى حساب عن أنه يقوم بعملية تسفير شباب إلى سوريا، ويقوم بإدخال السلاح، قال ذلك أثناء حكم مرسى، وتابعه بتأكيدات أخرى حول ذلك، وقبله كان «حازم صلاح أبوإسماعيل» وجماعته «حازمون»، يفتخرون بأنهم يصدرون إلى سوريا شبابا للانضمام إلى صفوف الإرهابيين هناك للقتال ضد الجيش السورى.
كان التحذير وقتئذ عن خطورة ما يحدث فى سوريا يقابله خشونة من قوى «اليمين الدينى»، وانفتحت ماسورة السموم من القنوات الفضائية المصرية المعبرة عن هذه القوى، كان المشهد لا يختلف فى شىء عما فعله السادات مع أفغانستان وقت احتلالها من الاتحاد السوفيتى، وفى ظل استخفاف وجهل من محمد مرسى وجماعة الإخوان بضرورات الأمن القومى المصرى، تحولت كل هذه القوى الدينية إلى خنجر فى ظهر سوريا، وتصميم على تقسيمها حتى يجدوا على أرضها مساحة لخلافتهم الإسلامية، أصبحت إذن تركيا بالنسبة لسوريا منذ عام 2012، مثل باكستان بالنسبة لأفغانستان عام 1980.
كان أردوغان هو الراعى الرسمى لكل ذلك، وأذكر لعل الذكرى تنفع المؤمنين بسيل التحقيقات الصحفية المنشورة فى العديد من الصحف المصرية والعربية المتزامنة مع سفاهات صفوت حجازى وصلاح أبوإسماعيل، والسابقة عليهما، كانت هذه التحقيقات تتحدث عن كيفية الذهاب إلى سوريا، وتحدد الطريق إلى كل الواهمين بأنهم سيذهبون للجهاد فى سبيل الله، وذلك بالسفر إلى تركيا، ثم الانتقال إلى حدودها مع سوريا حيث يتواجد اللاجئون السوريون، وهناك سيكون موجودا من يستكمل باقى المهمة، بالدخول عبر طرق تنقل هؤلاء المغرر بهم إلى رحلة تقطيع الأرض السورية، بالطبع كان يتم نفس الأمر مع كل من يأتى من الدول الأخرى، كانت تركيا هى الممر الآمن لكل هؤلاء، وممر السلاح لهم، إن لم تكن مخزنه الرئيسى.
هل يجوز بعد ذلك أن نصدق أن «أردوغان» هو فى خندق الحرب ضد الإرهاب؟، حتى لو قام من قبل بحظر تنظيم داعش فى تركيا منذ أكثر من عام، الأكثر منطقية، أنه يحظره فى بلاده، لكنه يشجعه بطرق مختلفة فى المناطق التى يريد إشعال الإرهاب فيها لصالح أجندته الخاصة.
لو كانت مقاصد الحرب الدولية على الإرهاب صحيحة، لأصبح «أردوغان» موضع مساءلة ومحاكمة بسبب ما فعله فى سوريا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
إرســال المصـريين خارج البلاد مرفوض
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد مـتولـى
إحتفـاء غـير مــبرر