قبل أن ينطق المستشار محمد كامل الرشيدى بقراره أمس بمد أجل النطق بالحكم فى قضية قتل المتظاهرين، والتى يحاكم فيها مبارك وحبيب العادلى وآخرون، انصرف اهتمام المصريين إلى توقع الحكم: «هل سيحصل مبارك على البراءة؟، هل سيحصل على حكم مشدد؟ هل سيحصل على حكم مخفف؟».
مد رئيس المحكمة أجل الإجابة عن أسئلة التوقعات، لكن ومع تقدير بأن يحصل مبارك على البراءة بحكم المحكمة، هل سيكون بريئا بالفعل بحكم السياسة؟.
هل يجوز أن يحصل مبارك على «البراءة السياسية» لأن المرحلة التى تلت ثورة 25 يناير، لم تكن بمستوى طموح المصريين، ولم يتحقق فيها شىء من شعارات الثورة وأهدافها؟، هل يعنى ما حدث أن نستسلم لنغمة البعض وجهودهم فى الإبقاء على نهج مبارك ونظامه؟
هلى يعنى الانفلات الأمنى الذى حدث بعد ثورة 25 يناير، أن نتحسر على أيام حبيب العادلى؟، هل تعنى الأزمات الاقتصادية القول بأن مبارك كان لديه نهج اقتصادى فيه عدالة توزيع الثروة؟
هذه الأسئلة وغيرها يطرحها البعض بإلحاح وبنوايا سيئة، وهى تنطلق من أرضية خبيثة، تستهدف تخفيض طموح المصريين، وتستهدف إعادة المارد الذى خرج من قمقمه فى ثورة 25 يناير ثم 30 يونيو.. تستهدف تقزيم مصر فى محيطها الإقليمى وفضائها الدولى.
الأسئلة السابقة يقابلها عشرات الأسئلة منها، هل حقق مبارك خلال فترة حكمه الطويلة نظامًا تعليميًا محترمًا ومتطورًا؟، هل وفر للمصريين البسطاء وهم الغالبية رعاية صحية سليمة؟
هل حقق مبارك حدا أدنى من الديمقراطية؟، هل أجريت أى انتخابات فى عهده بنزاهة وشفافية، ولماذا كان يصر على التزوير الفج فى كل دورة انتخابية؟، ألم يكن ذلك يعبر عن احتقاره للمصريين؟، ألم يكن ذلك تعبيرًا عن أنه يخشى من صندوق الانتخابات؟
هل يمكن تصديق أن نظامًا سياسيًا بحزبه الحاكم يحصل على كل مقاعد البرلمان باستثناء أقل من عشرة مقاعد، كما حدث فى الانتخابات التى جرت قبل ثورة 25 يناير مباشرة.
لماذا ضرب نظامه عرض الحائط بالقوانين؟، لماذا كان يعدلها ويسنها لأغراض شخصية؟، هناك عشرات القوانين التى تم تعديلها من أجل إبقاء أشخاص بعينهم فى وظائفهم، وكأن مصر عقمت، ولا يوجد بديل؟، أدى ذلك إلى ضياع فرص فرز قيادات جديدة، فأصبح العنوان الرئيسى لمرحلته: «سلطة شاخت على مقاعدها حسب تعبير محمد حسنين هيكل».
لماذا تدهورت الجامعات المصرية فى عهده، وخرجت من أى تصنيف عالمى، بعد أن كانت جامعة القاهرة تحتفظ بمكانها فيه؟، لماذا تراجع دور العلم والعلماء، وأصبحت الفهلوة هى السائدة؟، لماذا كان الحديث الدائم عن البحث العلمى وضرورته الرئيسية دون إنجاز حقيقى فى مجاله؟، لماذا أصبحت مصر من أعلى الدول التى تفشت فيها ظاهرة أطفال الشوارع، دون التصدى لأسبابها، ودون التصدى لعلاجها؟.
لماذا باع الشركات والمصانع المنتجة باسم الخصخصة وشرد ملايين العمال باسم المعاش المبكر؟، لماذا تحولت الخصخصة إلى أكبر نهب منظم لثروات مصر؟
أين المصانع التى تم التخلص منها وتحويل أرضها إلى بروج مشيدة للإسكان، بعد أن كانت تشغل بالعمال صباحًا ومساًء؟.
لماذا تفشى الفساد والرشوة والمحسوبية فى كل مصلحة حكومية؟.
فهل بعد ذلك يحصل مبارك على البراءة السياسية؟.