أجمل ما فى الشعر أنه يرقق المشاعر فيعيد إلى القلوب أحبابها، ويرد الغائبين فى النسيان إلى شاطئ الذاكرة، وأجمل ما فى جائزة البابطين أنها تضع الشعر فى أكرم ركن من قلب هذه الأمة، فتعقد المسابقات وتكافئ الموهوبين، وأول أمس السبت 27 سبتمبر، أعلن الشاعر الكويتى الكبير عبدالعزيز سعود البابطين، فى مؤتمر صحفى عقد بالقاهرة، أسماء الفائزين فى الدورة الرابعة عشر التى تنظمها مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للشعر العربى، هذه المؤسسة الفتية التى أكملت ربع قرن فى تمجيد الشعر ورعايته وترويجه وتعزيز حضوره، ولك أن تعلم أن المؤسسة أصدرت أكثر من 400 كتاب فى هذا المجال الخصب حتى الآن، كما قال لى مؤسسها وراعيها، فضلاً على عشرات الندوات والأمسيات التى عقدت فى العديد من المدن والبلدان العربية والأجنبية.
استقبل الحضور فى المؤتمر الصحفى أسماء الفائزين بحفاوة، وحين نطق البابطين باسم الشاعر المكرم لهذه الدورة، اشتعلت الصدور بالفرح والتهبت الأيادى بالتصفيق، فمن منا لا يحب جورج جرداق؟ ومن منا لا يطرب حين تترنم أم كلثوم بقصيدته قائلة (هذه ليلتى وحلم حياتى)؟
الكل يعلم أن الشاعر جورج جرداق قليل الحديث إلى الإعلام، وأنه منذ ولد عام 1933 فى «مرجعيون» بجنوب لبنان وهو مخلص وفى للشعر، ومحب أصيل للعدالة، ولعل ذلك ما دفعه إلى تأليف عدة كتب عن الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه، بوصفه رمزًا للعدالة المفتقدة.
لاحظ أن جرداق ينتمى إلى الديانة المسيحية، لكن إيمانه بالإنسان يتجاوز كل الأديان، فحين رأى فى الإمام على ما رأى لم يتردد فى الاحتفال به ودراسة شخصيته وأفعاله وقراراته، ذلك أن الشاعر الحق لا يبغى سوى إقرار السعادة للبشر أجمعين بغض النظر عن معتقداتهم الدينية وأصولهم الإثنية.
فى قصيدته موفورة الصيت يقول جرداق بعبارات بالغة العذوبة: (قد أطال الوقوف حين دعانى/ ليلم الأشواق عن أجفانى/ فادنو منى وخذ إليك حنانى/ ثم اغمض عينيك حتى ترانى).
حقًا ما أجمل أن نكرم شعراءنا الموهوبين، وهو ما فعلته بذكاء مؤسسة البابطين، فشكرا لها.