آليات السوق ضد فن الشعر، لأن جمهوره قليل، والجديد منه محاصر أكثر لأن الخيال القديم بارك على صدر الثقافة الرسمية والأكاديمية ولا يسمح بالاختلاف، نقاد الشعر استسهلوا وذهبوا إلى نقد الرواية، فقط احكِ محتواها ثم تحدث عن الكاتب شوية، وفى النهاية خذ خيطا من العمل لكى تتحدث عن الصراع الاجتماعى، وربما لهذا السبب يزدهر الشعر فى مصر بعيدا عن هؤلاء، وتصدر دواوين غزيرة، تقرأ فى دوائر ضيقة، ولكنها صاحبة نفوذ فى الثقافة المصرية غير الرسمية التى تحمل أشواق التجديد والتحديث، ليس مهما شكل القصيدة، المهم هو منسوب الشعر، بعيدا عن التقليد وابتزاز المشاعر.
من ضمن التجارب المبهجة التى لفتت نظرى وسط الأعمال الجديدة الكثيرة الجيدة التى صدرت هذا العام، ديوان «الخروج إلى النهار» (دار ميريت) للشاعر الشاب محمد رياض، أنت أمام الغضب الشفاف الذى يشير إلى طاقة مذهلة، أمام شاعر يكتب النثر ولكنه يفرض إيقاعه عليك وتصدقه، غير مشغول بالغرض الشعرى، ولم يكتب لكى تستضيفه الفضائيات باعتباره ناشطا سياسيا، هو يكتب لوجه الشعر والإنسانية ولإلتقاط روح اللحظة، رياض يأتى «مشتعلا بميتات هائلة»، يقول» أنا قادم إليكم، جسدى مفخخ بالأفكار المسمومة والسعال، أنا المستقبل، ملونا بالدم الذى يشبه الورد فى منامكم، يشبه كائنات القطيفة التى يأكلها العاشقون فى حدائق الأوهام»، وهو نفسه الذى يقول «أنا الذى أعرف عن قناعة مستحيلة أن الحياة رائعة، بصورة تفوق احتمالنا، وقصائدى كلها منتزعة، بقسوة بالغة، من عالم آخر»، الديوان الملىء بالموت والشهداء والأحزان والغضب والألم يشير إلى شاعر كبير مقبل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة