هل تعرف كم عدد الأحزاب المصرية الآن؟ وما أسماؤها؟ وما هى الأحزاب التى قررت خوض انتخابات البرلمان المقبلة؟ وهل بلغك علم بالموعد الذى سيتم فيه إجراء تلك الانتخابات؟
الحق أننا بحاجة ماسة لدراسة تاريخ الأحزاب المصرية منذ نشأتها فى نهايات القرن قبل الماضى، وهل كانت نشأة طبيعية أم لا؟ بمعنى أن الأحزاب القوية فى أوروبا تشكلت تدريجيا من خلال مسيرة نضال طويلة بين الطبقات المختلفة، فالرأسماليون أصحاب المصانع والشركات والتجار شكلوا أحزابا تعبر عن مصالحهم وتدافع عنها وتنميها، مثل حزب المحافظين فى إنجلترا على سبيل المثال، فى حين أن العمال والفلاحين أسسوا أحزابا تستخلص لهم حقوقهم وتواجه جشع الرأسماليين وتوحشهم، لكن هذه الأحزاب الأوروبية لم تتكون بقرارات فوقية من السلطة الحاكمة، بل تشكلت عبر عشرات السنين من الكفاح الفكرى والاقتصادى والاجتماعى حتى تبلور مفهوم الحزب والطبقة التى يعبر عن أهدافها ومصالحها، أما فى مصر فقد تكونت الأحزاب بقرارات سلطوية من الخديو أو الملك أو الرئيس، كما أن مفهوم الحزب ملتبس أشد الالتباس عند معظمنا، فلك أن تتخيل أن الأحزاب فى العهد الملكى كانت تضم باشوات يمتلكون آلاف الأفدنة والمصانع وفلاحين معدمين يحصلون على قوت يومهم بالكاد! فكيف تتوافق مصالح وطموحات الباشوات مع الفقراء من فلاحينا؟ أما حزب الوفد، فلعله الوحيد الذى تشكل بعيدا عن رغبة السلطة، لكنه نشأ بصورة استثنائية اختلطت فيها الرغبة الاجتماعية الطاغية فى الاستقلال عن الاحتلال الإنجليزى بأهداف الرأسمالية المصرية الوليدة العاجزة عن تحقيق آمالها بسبب سطوة الاحتلال وسيطرته شبه التامة على وسائل الإنتاج والسوق. لقد كانت قيادات حزب الوفد على الدوام من كبار ملاك الأرضى والرأسماليين الذين تتعارض مصالحهم مع أحلام الفلاحين والعمال، حتى لو ضم الحزب مجموعات من هاتين الطبقتين المطحونتين باستمرار، وعليه يمكن القول إن حزب الوفد هو ممثل الرأسمالية المصرية.
اللافت أن الكتلة الكبيرة من الشعب المصرى ظلت تتعامل مع الأحزاب بريبة، إن لم يكن بتجاهل تام حتى هذه اللحظة، وانظر لمصير الأحزاب التى تكونت عقب ثورة يناير لتتأكد مما أقول!