فى الدول النامية يقاس نجاح الحكومة تبعا لنتائج آخر العام، أما فى الدول المتقدمة فالحكومة فى امتحان طوال العام، ولا أعرف كيف نقيس آداء المسؤولين فى مصر الآن، فنحن نسمع عن مجهود غير عادى ونرى فى النهاية نتائج منيلة بنيلة، قد لا نختلف على أن الحكومة الحالية من أفضل الحكومات التى مرت على مصر، ولكن «على إيه بقى؟» فلم تر مصر عصورا من تدنى الخدمات والمرافق العامة بهذا الشكل من قبل.لذلك صدق من قال إن مصر منورة بشعبها وشمعها، فكنا ننزعج قديما حينما ينقطع النور مرة فى اليوم، والآن تحتفل بعض المناطق حينما يأتى النور مرتين فى اليوم حتى أصبح وجود الكهرباء مناسبة قومية يجتمع فيها الأهل والأحباب ليحتفلوا بالنور السعيد، وأصبح من الطبيعى أن تعيش مناطق آهلة بالسكان بلا مياه لفترات مفتوحة، وأن تجد أخاك وأسرته يقفون أمام بابك متعفنين يطلبون اللجوء السياسى والاستحمام.بل أصبح اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحى عادة لطيفة تحدث بشكل موسمى فى العديد من المدن والمراكز، فلا يكفيك هنا أن تنظر للمياه لتتأكد من صلاحيتها للشرب، بل يجب عليك أن تشم قبل كل جرعة ماء، ناهيك عما نسمعه الآن من مصائب بسبب كميات الكلور التى أدت إلى تسمم قرى ومناطق بأكملها «راحت فى شربة ميه».
وماذا عن هذه الشوارع التى لا تكف الحكومة عن حفرها وفحتها وردمها بشكل شهرى، وكأنها مشروع قومى لا ينتهى !! فبعض الشوارع يفتح ويردم مرتين وثلاثة فى الأسبوع الواحد، وحينما تتعجب يتحججون بأن عمال حفر الكهرباء غير عمال حفر المياه، غير حفر الغاز، غير حفر الصرف الصحى، غير حفر منابع النيل فى الحبشة، فهل مطلوب أن نعيش مثل القرود نتقافز فوق الأحجار والركام إلى أن يفهم المسؤولون أن حفر وردم الشوارع عمل جماعى يجب أن يتم فيه التنسيق بين جميع الجهات لتبدأ الإصلاحات وتنتهى فى موعد محدد بدلا من إهدار آدمية المواطنين وأموال الدولة فى وقت واحد. فهل هذا طبيعى؟ هل هذا عادى فى القرن الـ 21 أم أننا لظروف تاريخية نعيش الآن فى عصور قبل الميلاد، فكل خدمات الدولة قاصرة متعثرة متقهقرة..النقل والصحة والتعليم والأمن إلخ، وحينما تعترض أو تغضب يطلبون منك الصبر والترشيد أو يتهموك بالأخونة والإرهاب، فهل بعد فساد حكومات الحزب الوطنى وغباء وطمع الإخوان علينا أن نتحمل هذا البلاء والاستهبال؟ مع تمنيات المسؤولين بالصبر والسلوان.