تحدث زملاء كثيرون عن واقع الإعلام المصرى وحالة الهرتلة التى أصبحنا نعانى منها على الشاشات والجهل والتسطيح الذى أصبح آفة مستشرية بل ومادة خصبة للسخرية على المواقع الإلكترونية وداخل العالم الافتراضى الذى تمارس فيه كل أنواع الهرتلة والاستخفاف، بل ومفردات اللغة المنحطة التى أصبح لها قواميس خاصة وصار عاديا أن تجد من يسبك بالأم والأب والألفاظ الجنسية التى يجيدها رواد
المواخير، ولأننا لا نملك محاكمة رواد العالم الافتراضى، يظل من حقنا محاكمة الإعلام المسموع
والمرئى وتقييم تجربة مصر منذ التسعينيات مع انطلاق الفضائيات الخاصة وتكاثرها واستمرارها
خصوصا مع عدم وجود قانون أو تشريع محدد يقنن المادة المعروضة ويباشرها، ولا يوجد ميثاق عمل إعلامى يربط الجميع، وأنا هنا وحتى لا يساء فهم ما أقول لا أطالب برقابة تقليدية، وإنما أستعين بتجارب دول ضاربة فى الديمقراطية مثل إنجلترا وفرنسا وألمانيا وأمريكا، وجميعا يوجد بها قانون محدد - بكسر الدال - للعمل الإعلامى وفيه الثواب والعقاب، ويشتمل على حق المتلقى فى المعرفة الكاملة، ويحافظ على الخصوصية والحرية الشخصية وأيضا يعاقب المسؤول الذى يمتنع عن الرد على سؤال الصحفى أو
المذيع، بل يعطى الأخير الحق فى مقاضاة الحكومة إذا امتنعت عن التوضيح أو الإجابة، بل إذا أعطت معلومات مضللة لحارس البوابة أى الإعلامى، وبالمقارنة بين ما يحدث عندهم وما يحدث عندنا ستجد الصحفى يغزل برجل كتكوت والإعلامى مع فريق عمله يغزل برجل نملة، ناهيك عن أن الإعلام الخاص له حسابات أخرى تتعلق برأس المال الجبان جدا، والأنكى أن تجد الهوى والشللية تحكم جزءا كبيرا من المنتج الإعلامى. والأكثر شراسة واستفزازا أن تجد الوكالات الإعلانية تحكم هذه العملية برمتها لدرجة أن أحد أصحاب الوكالات قال لى فى دردشة خاصة: إن ما يهمه فى أى برنامج أن يراه صفوة المجتمع، وهذا معياره للنجاح، وعندما سألته: اشمعنى؟ فقال لى: لأن هؤلاء هم المستهلكون للسلع الغالية التى
يحرص على الإعلان عنها، وجذب الكلاينت أى الزبون لها، وعندما سألته: وما وضع الغالبية العظمى من شعبنا الفقير الغلبان؟ فقال لى: لا تهمنا وهذا معناه ببساطة أن الإعلام الذى ينفق المليارات هدفه جذب الطبقة المخملية فقط، وليذهب الأغلبية إلى الجحيم، قد يرى البعض أن الإعلان ضرورى لاستمرار أى مطبوعة خاصة أو فضائية خاصة، لأنه مكلف ويجب ألا يخسر، وهذا حق أصحابه، لكن المشكلة أعمق من ذلك، لأن الحروب الحالية والمقبلة تلعب على الدماغ وتصنع توجهات الرأى العام، ومن هنا تتسلل الأجندات ويدخل ما يعرف بغسيل الأموال اللعبة القديمة الجديدة.
نحن أمام ساحة إعلامية تعمها الفوضى واللامهنية ولا أقول الموضوعية أو الحياد، لأنه لا حياد فى المسألة الوطنية، ومن يقول: إن هناك حيادا فى أى شىء بما فيه الإعلام يكون بائعا للوهم، ونحن الآن لا نحتاج حيادا أمام الآلة الإعلامية الإخوانية الشرسة والتى يحركها الغل والانتقام وتمولها قطر وتركيا
بالمليارات ولا قبل لنا بمنافستها ماديا وعالميا، والحل أن نحافظ على الدولة المصرية التى تواجه إرهابا بغيضا على الأرض وإرهابا فضائيا فى السماء، أما هؤلاء الذين يراهنون على سقوط الدولة ويتحدثون عن حق الإخوان والإرهابيين وباسم الحرية يتكلمون وباسم شباب الثورة يصرخون زورا وبهتانا،
ويلمعون بعض النخب الفاسدة على الشاشات فسوف تسقط قريبا عنهم ورقة التوت وسيعلمون أى منقلب ينقلبون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة