انظر حولك.. فى أى طريق تسير فى مصر.. ماذا ترى؟ عشرات الآلاف من الأبنية المشوهة والمخالفة.. تشوية حضارى لا أول له ولا آخر.. اختفى وجه القاهرة الحضارى الذى جعلها تحصل على لقب أجمل مدينة فى العالم منذ خمسين عاما، بعد 25 يناير انفجرت نافورة البناء المخالف فى وجه المجتمع.. كل من امتلك قرشين وعنده عماره أربعة أدوار جعلها ثمانية أدوار.. لا نتكلم عن التشويه الحضارى فقط ولكن عن أرواح الناس، لا يمضى شهر أو أسبوع إلا ونسمع ونقرأ عن انهيار منزل أو عقار مخالف.
الحكومة أصدرت قانونا مؤقتا للتصالح مع الأبنية المخالفة.. يعنى كل من بنى عقارا مخالفا أو ارتفع أدوارا غير مصرح بها.. يدفع غرامة مالية ويصبح المبنى مرخصا له.. يعنى لو دفع المالك 100 ألف جنيه غرامة وباع الشقة بربع مليون تبقى الغرامة أرخص، 380 ألف مبنى مخالف رصدتها الأجهزة الرسمية بعد 25 يناير، سواء على الأرض الزراعية أو على أملاك الدولة. والنتيجة حالة استهتار بأرواح الناس.
الحكومة ممثلة فى وزارة الإسكان تقول إنها لن ترخص إلا للأبنية الآمنة ولن تعطى تراخيص للبناء على الأرض الزراعية أو أملاك الدولة وأنها ستتصالح فقط مع العقارات الآمنة، وهذا التوصيف مطاط، فهذه العقارات الآمنة غير آمنة.. الحكومة تؤكد أن التصالح مع المبانى المخالفة سيجمع حوالى 600 مليار جنيه توزع على النحو التال %55 لصالح تمويل مشروعات إسكان الشباب و%20 لصالح وزارة التطوير الحضارى و%20 للخزانة العامة و%5 للمحليات ومكافآت اللجنة المختصة (باب فساد).
وبصراحة شديدة فالوضع أكثر تعقيدا خاصة أن بعض الخبراء يؤكدون أن تكلفة إزالة المنشآت المخالفة أكثر من تكاليف التصالح معها كما أن الدولة لابد أن تراعى التوسع السكانى وأزمة السكن، كما أن الدولة متعنتة فى إصدار تراخيص البناء والتصالح جيد من حيث المبدأ لكنه يحتاج شروطا واضحة للتصالح، بحيث لا يعرض حياة الناس للخطر وأن القانون مؤقت وسار لمدة 6 أشهر فقط بعدها ليس هناك تصالح. بينما يرى آخرون أنه تقنين لفوضى وأن الدولة عاجزة عن التصدى للظاهرة.
الإحصائيات الصادرة عن الجهات الرسمية لا تعبر عن الواقع وبالتالى تبقى الكارثة أكبر وتبقى الحلول البين بين سيدة الموقف ويبقى عدم وضوح الخيط الأبيض من الأسود لأغلب مشاكلنا ما يؤكد أن بيننا وبين التخطيط والرؤية المستقبلية ملايين السنوات الضوئية.