علا الشافعى

من دينا لـ«داعش» يا قلبى لا تحزن.. البرنامج الذى هز عرش الأخلاق

الجمعة، 05 سبتمبر 2014 11:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دينا «رقاصة وبترقص»، ولم تدّعِ يومًا عكس ذلك، فهى تعمل فى مهنة قديمة بدأت مع الحضارات الإنسانية، تعاقدت على برنامج لاكتشاف الراقصات الموهوبات، برنامج منوعات، مثل مئات البرامج التى تبث على الشاشات العربية والأجنبية، والإعلامى طارق نور لم يرتكب  خطأ فادحًا عندما قرر إنتاج مثل هذا البرنامج، لأنه راهن على أن هناك شريحة من الجمهور قد تفضل متابعته، وتسعى لأن تشاهد دينا، وكيف تقيّم الموهوبات فى مجال الرقص الشرقى. ويملك نور من الوعى الإعلامى الذى يجعله يدرك تمامًا أن هذا البرنامج يبث على فضائية تدخل البيوت المصرية، لكن الشىء الوحيد الذى لم يدركه إعلامى بحجم طارق نور أننا نعيش عصر المزايدات  الأخلاقية، فالذين يظهرون على الشاشات يطبلون ويهللون لحرية الإبداع والدفاع عنها، هم أنفسهم أول من يغيرون الأداء واللهجة، ويرتدون العمامات، ويقولون آمين، كما أن المجتمع كله صار يمارس دور الرقيب الذى له كل السلطة فى أن يأمر، وعلينا أن نطيع، لذلك استسلم نور، وقرر تأجيل بث البرنامج.

لا أعرف السبب الذى أدى الى انتفاض علماء الدين فى الأزهر الشريف، ودار الإفتاء، وإصدار بيانات تشجب وتدين البرنامج، وتطالب بمنع عرضه، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل قام بعضهم بالتقدم ببلاغات للنائب العام، وقالوا فى بيان إن البرنامج  مفسدة للأخلاق، وإن هذا البرنامج قد يفهمه البعض أنه يأتى فى إطار حملة تهدف إلى هدم المنظومة الأخلاقية للشعب المصرى المتدين، ولا يخدم إلا المتطرفين الذين قد يتخذون من هذه الأمور ذريعة لترسيخ فكرة أن المجتمع يحارب الدين والتدين. وشددت دار الإفتاء المصرية على أن الظرف الدقيق الذى تمر به مصر حاليًا يحتم على الجميع أن يلتفتوا إلى قضايا البناء والتنمية.

ولا أعرف ما العلاقة بين برنامج للرقص، وقضايا البناء والتنمية؟.. ببساطة شديدة من لا يعجبه البرنامج عليه أن يدير الريموت كنترول، ولا يشاهد ذلك البرنامج الذى هز عرش الأخلاق فى مصر. ولماذا لم يفكر العلماء الأجلاء الذين وقعوا بيانات، وظهر بعضهم على الشاشات ليهاجم البرنامج ويبكى على منظومة الأخلاق، وانهيار المجتمع المنهار فى الأساس. وأتساءل: مَن مِن العلماء شاهد البرنامج وانتفض؟، ولماذا لم تجتمع كل هذه الأسماء وتصدر بيانات ضد الفكر المتطرف، ويحاولون تغيير لغة الخطاب الدينى، من أجل إحداث تغيير حقيقى فى المجتمع؟، وبدلًا من أن يحاربوا دينا وبرامج الرقص عليهم بمحاربة «داعش» وأفكارها.

نريد علماء مستنيرين، وأصحاب أفكار إصلاحية، لكن يبدو أن هذا الأمر بات مستحيلًا، بل أصبح سرابًا يتبخر، ولا أعرف هل الفترة المقبلة سنشهد دعاوى بحرق صور الراقصات، وحذف كل مشاهد الراقصات المبدعات من الأفلام، وإهالة التراب على تحية كاريوكا، وسامية جمال، وسهير زكى، وزينات علوى، وغيرهن.. أما المزايدون ومدّعو الفضيلة فالدور قادم عليهم لا محالة حتى لو ظنوا أنهم بعيدون عن المقصلة، خصوصًا أنه بدا واضحًا أن هناك اتجاهًا عامًا فى الدولة لتقويض حرية الإبداع، وأن الصوت الأعلى سيكون للظلاميين، سواء ظلاميو الروح أو العقول. 





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة