قبل ثورة 25 يناير سألت المناضل والبرلمانى الكبير «أبوالعز الحريرى» الذى رحل عن عالمنا مساء الأربعاء الماضى، عما إذا كان سيترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة، فأجاب: «لا».
كنا فى عام 2008، وكان المناضل الكبير خارج البرلمان فى دورته من عام 2005 وحتى عام 2010 لأسباب تبدأ وتنتهى عند «رفعت السعيد» رئيس حزب التجمع، كما يؤكد أطراف سمعتها من أهل الإسكندرية، كما أن «أبوالعز» فى فترة تواجده فى البرلمان من عام 2000 إلى 2005 كان وكعادته رأس حربة فى فضح فساد نظام مبارك، وهو صاحب معركة احتكار «أحمد عز» لـ«الحديد»، وكان «عز» وقتها قوى أركان نظام مبارك، وخاض فى ذلك استجوابات وطلبات إحاطة كانت حديث الرأى العام، وكعادة «أبوالعز» كان دقيقا فى معلوماته وأرقامه، وفهمه العميق بأن احتكار أى سلعة هو انعكاس طبيعى لسياسات قائمة، وبالتالى فإنه لا يجوز فصل السياسة عن الاقتصاد فى فهم مشاكل مصر، ولا يجوز النظرة إلى المشهد السياسى العام بالتجزئة، فتدهور الاقتصاد هو انعكاس طبيعى لتدهور السياسة، وتدهور الخدمات لا ينفصل عن سياستنا الخارجية، فكل ذلك محكوم بسياسة التبعية لأمريكا، وإسرائيل، والتى بدأها السادات، ولذلك فإن «مبارك» هو امتداد طبيعى لـ«السادات»، ولا يجوز الفصل بينهما، والاثنان انقلبا على عبدالناصر فى نهجه الوطنى المستقل وانحيازاته القاطعة فى العدالة الاجتماعية نحو الفقراء.
وقطع «أبوالعز» على نفسه عهدا بالدفاع عن القطاع العام والصناعة الوطنية التى شيدها «عبدالناصر»، وبها ملايين العمال الذين لم يكن لهم من قبل مأوى ولا عيش، كما دافع عن سياسات الاستقلال الوطنى التى انتهجتها مصر فى هذه المرحلة، ولم يترك نفسه لرؤى يسارية فارغة تبناها يساريون لتخدم الرأسمالية المتوحشة ممثلة فى رجال أعمال نهبوا ثروات مصر بتشجيع من أركان حكم مبارك.
هذا النهج الذى لم يفرط فيه «أبوالعز الحريرى» قابله تفريط من بعض رموز اليسار، وكان حزب التجمع الذى شارك فى تأسيسه عام 1976 نموذجا فى ذلك، ولهذا خرج «أبوالعز» من صفوفه، ليكون مع آخرين كيانا سياسيا جديدا هو «حزب التحالف الشعبى الاشتراكى».
قرر «أبوالعز» خوض الانتخابات بعد ثورة 25 يناير، ونجح باسم تحالف «الثورة مستمرة»، وخاض معركته ضد الإخوان بتألق كبير، وكان من الرموز التى قادت الجماهير للخروج يوم 30 يونيو، ونتذكر جميعا صورة الاعتداء عليه من كوادر الجماعة فى الإسكندرية ولم يثنه ذلك عن الاستمرار فى معارضته لهم، مؤكدا أنهم ونظام مبارك وجهان لعملة واحدة.
أعود إلى ما ذكره لى «أبوالعز» عام 2008 بأنه لن يخوض الانتخابات فى زمن مبارك، وأضاف وقتها أن لديه تجربته السياسية التى يريد كتابتها قائلا بالضبط: «أريد أن أتركها لأولادى ولكل الذين يريدون الاستفادة منها»، فهل كتب حقا مذكراته؟ وهو سؤال ضاع منى له رغم تواصلنا الذى لم ينقطع فى السنوات الأخيرة، رحمه الله كان مناضلا فذا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي دحروج
البقاء لله
البقاء لله