فى اعتقادى أن جزءا من آفاتنا كمصريين أننا لا نلتفت للأمور العظيمة المصيرية، كما ينبغى، ولا نعطيها الاهتمام الكافى الذى يليق، فى الوقت الذى قد نعطى هذا الاهتمام لأمور ثانوية، بل يمكن أن تقول وأنت مطمئن البال إنها تافهة، حتى يصدق فينا المثل الشعبى الذى يقول إننا «نأتى فى الهايفة ونتصدر»، ويصدق أيضا فينا قول الشاعر المتنبى: «وَتَعْظُمُ فى عَينِ الصّغيرِ صغارُها** وَتَصْغُرُ فى عَين العَظيمِ العَظائِمُ».
للأسف هذا هو حالنا ونحن مقبلون بعد 8 أسابيع على اختيار أعضاء أهم برلمان فى تاريخ مصر، برلمان أتى بعد ثورتين فى أقل من عامين، وبسلطات غير مسبوقة، بل تصل إلى حد أنها أقوى من سلطات رئيس الجمهورية، أمور لم نعتد عليها من قبل، كل هذا يلقى علينا بتبعة حسن اختيار هؤلاء النواب، ولكن حتى الآن لم أستشعر هذا الحماس على مستوى الشارع المصرى، وكأن الأمر لا يعنيه، أو أنه سيتم اختيار أعضاء برلمان دولة مجاورة مثلا.. هل السبب فى أن الناس ملت السياسة وأهل السياسة ؟ قد يكون.. هل الناس زهقت ذهابا إلى الصناديق ؟ أيضا قد يكون.. أيا كان الأمر نحن أمام استحقاق لا بديل عنه، حتى لا نكون كمن جرى فى اول السباق، وانكفأ فى آخره.. النتائج تؤخذ بالخواتيم.
المشهد العام يقول إننا أمام تورتة يحاول تقاسمها أناس كلهم فوق المعاش وفوق السن، وأيا كانت نواياهم الطيبة التى أقدرها، فهم لا يحملون صكا للتحدث باسم شعب أغلب مواطنيه من الشباب، ولا أجد ممثلين حقيقيين لهم، أستدعى الآن صورة لأحد شباب الدنمارك الذين كانوا يقودون الحملة الانتخابية لحزب المعارضة الذى أطاح برئيس الوزراء الذى كان فى الحكم، هذا الشباب الذى كان يعلمنا نحن أعضاء الوفد المصرى كيف تدار الحملات الانتخابية، هذا الشاب كان فى سن ابنى وربما أقل، ولو كان عندنا لاكتفى بحمل اليافطة أو تجهيز يافطة فقط.
من الآخر أنا قلق على برلمان مصر القادم، وأخشى ما أخشاه أن يختطفه أصحاب المصالح المعتادين الذين يرتدون عباءة أية سلطة جديدة، أيا كان توجهها، وأخشى من أن يرث السلفيون كل أصوات أصحاب الهوى الإسلامى الذين لا يريدون إغضاب الله باختيار إنسان يؤمن بعلمانية الدولة المصرية، أما أخشى ما أخشاه فهو تسرب الإخوان من جديد تحت عباءة السلفيين.