ناصر عراق

حمدى إسماعيل.. قمر الصداقة

السبت، 10 يناير 2015 03:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما انهمرت أمطار البرد على القاهرة، تأمل حمدى إسماعيل الجالسين فى المقهى أمس يرتجفون وينكمشون، فابتسم وقال لى ونحن نحتسى الشاى الدافئ: (عندنا فى النرويج مثل بليغ منطوقه.. لا يوجد جو ردىء، وإنما توجد ملابس رديئة)، وأضاف ضاحكا: (تصل درجة الحرارة فى النرويج إلى 20 درجة تحت الصفر، فكيف يعيش الناس هناك؟).
وحمدى ابن بولاق أبوالعلا تخرج فى كلية التجارة عام 1984، ولما أغلق نظام مبارك نوافذ الأمل فى وجوه جيلنا ومن جاءوا بعدنا اتخذ حمدى قراره الجرىء ولملم أشياءه القليلة وغادر إلى النرويج عام 1988 بحثا عن حياة أجمل وأمل أخضر.
اتسم حمدى بذكاء اجتماعى شديد، وتأكد منذ الصغر أن الثقافة سلاح، وأنه لا يوجع قلب إنسان أكثر من الظلم، وهكذا قرأ وأدرك.. واستمتع بروايات محفوظ وماركيز، وآمن بالعدل الاجتماعى وحرية الرأى والتفكير، كما ألقى نفسه فى أتون التجارب اليسارية العملية، وظل طوال 27 عامًا يتابع من أوسلو بقلب شغوف وضمير يقظ ما يحدث فى بلده مصر.
لم يغب حمدى عن القاهرة أكثر من عام تقريبًا بامتداد ربع قرن، ولما اندلعت ثورة يناير هجر حمدى الحياة المستقرة الهادئة فى أوروبا وطار إلى القاهرة مذهولا. مكث فى ميدان التحرير أسبوعًا.. تعرف على الشباب الثورى الجديد.. تذكر كيف قضى شطرا من عمره يناضل من أجل اقتلاع نظام مبارك من جذوره.. آمن أن لا جهدًا يضيع، فلولا كفاح جيله ما وصلنا إلى 11 فبراير، وما تمكنا من طرد مبارك من عرين الرئاسة.
أنشأ علاقات جديدة مع شباب يصغرونه بعشرين عامًا وأكثر وتفاعل معهم، فأنصت إلى آرائهم وجادلهم بالتى هى أحسن، ولما وقعت أحداث محمد محمود الأولى، عاد مرة أخرى إلى القاهرة، ليتابع ويناقش ويطمئن على أصدقائه الجدد.
تجول حمدى فى بلدان العالم، فزار نحو خمسين دولة، ولما سألته قبل يومين هل هناك مدينة تضج بالزحام والفوضى مثل القاهرة؟ غمغم بأسى: (الزحام نعم.. لكن الفوضى والتكدس والتلوث لا يوجد له مثيل إلا هنا بكل أسف).
حمدى صديق عزيز.. وما أجمله من صديق!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة