آسف جدًا، مضطر أن أخبرك بالحقيقة الكاملة..
صلى الله عليه وسلم، رسولنا الكريم جل شأنه ليس فى حاجة إلى نصرتك..
النبى الأمى الذى أدى الرسالة، وبلغ الأمانة، وكشف الغمة، وأقام للإسلام دولة اتسعت شرقًا وغربًا فى عهد أصحابه، وصارت نموذجًا للعدل والرخاء فى عهد عمر بن الخطاب، ليس فى حاجة إلى نصرة حضرتك، أو مساندة باقى الإخوة المسلمين المنتشرين فى أوطان منهارة، ودولة تتذيل قوائم حضارة العالم، وتسب وتلعن وتقتل بعضها البعض أكثر مما يفعل بها أعداؤها.
الرسول ليس فى حاجة إلى نصرة من ضيع إمبراطوريته، وألصق بدينه السمح والرحيم تهمة الإرهاب والتطرف.. محمد صلى الله عليه وسلم الذى شهد له أعداؤه قبل أحبائه بحسن التصرف، وجودة التخطيط والفكر ليس فى حاجة إلى نصرة من تسوقه الفضائيات مثل القطيع، وتدفعه مشاعره للتصرف كما الدبة التى اشتهرت بقتل صاحبها.
الرسول عليه الصلاة والسلام، والسماء من قبله، أرقى من أن تخدعهم لافتاتك المضادة لرسومات مجلة «شارلى إيبدو»، وأنت تكذب وترشو وترتشى، وتصمت على الكثير من حقوق إخوانك الضائعة.. الرسول الكريم أرقى من أن تخدعه غيرتك عليه وأنت لم تغر من أجل عرض نساء سوريا المسحولات فى الشوارع، وأطفالهن الموتى من شدة البرد فى الملاجئ.
دع حميتك وحماسك على أقرب رف، ولا تزايد على من يريد شكلًا متحضرًا للاعتراض، وطريقة أكثر تعبيرًا عن عظمة الإسلام فى الاحتجاج بدلًا من طريق الدم والإرهاب، ولا تصرخ فينا قائلًا: «ياخانعين، ياخاضعين، ياكارهى نبى الإسلام»، لأن نبى الإسلام ومن بعده صحابته لم يردوا الإساءة بالإساءة، ولم يضبط أحدهم يومًا متلبسًا بتعجل دون تفكير تكون نتيجته تصرفًا أحمق، مثل الذى حدث فى فرنسا من قتل ونشر رعب.. بأى ذنب قتل صحفيو «شارلى إيبدو»؟، أى خطأ ارتكبوا كى يستحل البعض دماءهم باسم الدين؟، بأى ذنب يتحمل الإسلام خطاياكم التى تعزز من اتهامات العنف والتطرف التى ألصقها بالإسلام بن لادن ورفاقه الذين ترفعون صورهم لإغاظة الغرب؟
نصرة الرسول فى بناء وطن محترم لا يجوع فيه فقير، ولا يموت بداخله مريض لأنه لم يجد سريرًا للعلاج، نصرة الرسول فى تصدير صورة رسالته الحقيقية القائمة على القوة الذكية والسماحة التى لا تعرف خضوعًا ولا تفريطًا فى الحق.. الإسلام ليس دين الهوجة، ولن تجد فى السيرة النبوية العطرة حادثة واحدة خرج فيها المسلمون للرد على عدو أو خصم دون تفكير وتدبير.. هل تسمح لى أن أنهى لك هذا الموضوع بكلمة فى ودنك لكى تعرف كيف سقطت فى الفخ.. الله فى كتابه العزيز ذكر كلمة «وأعدوا» قبل «ترهبون»، لكن أنتم وشيوخكم ومن تشحنه الكلمات الرنانة قررتم مخالفة ما جاء به الله، وأصررتم على أن «ترهبوا» قبل أن «تعدوا».