من أين يأتى كل هذا القتل والإرهاب؟. لم يكن المسلمون هكذا ولم تكن كل هذه الدموية مطروحة من قبل، يتساءل البعض، لكنهم يتجاهلون أن الأفكار التكفيرية والإرهابية صحت من سنوات ولا تجد من يواجهها، ومن يتساءلون عن ذلك، هم من يرون الفكر الداعشى ينتشر ويتوغل، وأن آلات القتل المبرمجة، تمت برمجتها بتفسيرات ومقولات وأحاديث بل وآيات تم تفسيرها لتناسب القتل والكراهية، وبالرغم من أن عددا لا بأس به من المثقفين ينادون بإنقاذ الدين من محتكريه، فهؤلاء صمتوا أمام الإرهاب هنا، لكنهم انفعلوا بالإرهاب فى فرنسا وأوروبا. ولم يفرقوا بين خلاف سياسى مع نظام، وبين تأييد هؤلاء التكفيريين.
خلال يومين فقط ارتكب الإرهابيون فى نيجيريا ولبنان، عمليات قتل وتفجير باسم الدين، ضد من يرون أنهم يختلفون معهم، قام بهذه العمليات انتحاريون صغار تم غسل أمخاخهم وتلقينهم جرعات الكراهية، وبالرغم من أن مشاهد القتل والإرهاب مستمرة من سنوات فإن الغرب لم يلتفت إليها، بل ومن بين الدول الغربية من يدعم هذه الجماعات ويسلحها.
داعش تواصل القتل والذبح بتمويل ودعم من جهات مختلفة أنظمة وأجهزة، ومن دون أن تجد من يقف ضدها أو يشجبها، هم يتبنون أكثر الأفكار تطرفا وتعصبا وعنصرية، تعطيهم الحق فى قتل كل من يرون أنه لا يناسب تصوراتهم عن الدين، وهذه الجماعات حصلت على السلاح والمال من دول أوروبية حضارية، بل إن جماعات داعش هم من استفادوا من الربيع العربى، وتم دعهم من دون غيرهم، يقاتلون بسلاح غربى أمريكى وأوروبى، يقتلون كل من يخالفهم ولا يجدون من يتصدى لهم.
فقط عندما اتجهت الهجمات إلى فرنسا وعندما تهديد أوروبا اعتبروا هذا إرهابا. قبلها قتل الإرهابيون جنودا ومواطنين ومازالوا يفجرون فى كل دولة عربية من دون أن يجدوا من يعتبرهم جزءا من ظاهرة عالمية. الآن الرئيس الفرنسى هولاند دعا لمظاهرات يشارك فيها زعماء العالم ومواطنو فرنسا وأوروبا ليعلنوا أنهم ضد الإرهاب ومن سنوات والعالم العربى يواجه نفس الهجمات من دون أن يجد تعاطفا فى مواجهة هؤلاء، بل إن كثير من الإرهابيين المطلوبين فى عمليات قتل يحظون بالحماية فى أوروبا لندن وباريس وغيرهما، وفى عقر دراهم كان إمام مسجد فى لندن يعلن بثقة أن الإسلام لا يعرف حرية الرأى والتعبير، وهو تصريح احتفى به الإعلام الغربى، متجاهلا مئات الآراء التى تتحدث عن إصلاح الخطاب الدينى وترفض التكفير.
اليوم يطالب الرئيس الأمريكى أوباما بمؤتمر فى فبراير ضد الإرهاب باعتباره ظاهرة عالمية، وهناك اتهامات للغرب بأنه يدعم نوعا من الدين، يسهل له التدخل وممارسة الوصاية، بينما يرفض التعامل مع الإرهاب كجريمة تتجاوز الدين.