فى بطاقة الهوية، يسٌجل الأخوان كواشى وكوليبالى كمسلمى الديانة، ويسجل الحسين باثيلى كمسلم أيضًا، ولكن هيهات بين مسلم ومسلم، الأخوان كواشى نفذا الهجوم الإرهابى على صحيفة شارل إبدو بدعوى الحفاظ على الإسلام، فأساءا أشد إساءة للإسلام، رددا تكبيرات «الله أكبر.. الله أكبر»، وهما يحملان السلاح، ظنا ببركتها فى القتل، بينما التكبيرات تدعو إلى السلام والمحبة فى مضمونها الحقيقى.
إسلام الأخوين كواشى، ليس أبدا إسلام «الحسين باثيلى» ابن الـ21 عاما، فرنسى الجنسية صاحب الأصول المالية، الصدفة جمعته مع الإرهابى كوليبالى، الذى نفذ الهجوم على المتجر اليهودى بشرق فرنسا، لم يقف «الحسين» بجوار كوليبالى، باعتبار وحدة ديانتهما الإسلامية، إنما وقف بجوار الفرنسيين الرهائن، بأن أدخلهم ثلاجة التبريد فى الطابق السلفى وفصل التيار الكهربائى عنها، فأنقذ 15 مواطنا فرنسيا من الموت المحقق، وأصبح فيما بعد أيقونة الشجاعة فى فرنسا، لدرجة أن مواقع التواصل الاجتماعى لقبته بـ«البطل»، وحقا هو يستحق.
رغم أن موقف الحسين بإنقاذ الرهائين فى المتجر اليهودى لم يستغرق أكثر من 5 دقائق، فإن تأثيره الإيجابى لتحسين صورة الإسلام أقوى مئات المرات من تأثير ألف خطبة أو بيان أو تظاهرة أو وقفة ينظمها المسلمون فى بلادهم أو الجاليات فى الدول الأجنبية يتبرأون فيها من العمل الإرهابى الذى نفذه الأخوان كواشى وكوليبالى، الحسين عبر بفطرته عن سماحة الإسلام ومبادئه الطيبة، التى تدعو إلى المحبة، وبغض التطرف والعنف، فعل ذلك لأنه يفهم الإسلام الحقيقى لا الإسلام المزيف الذى يعتمد على طول اللحية أو تقصير الجلباب.
التاريخ لن يقف عند كوليبالى، سيعتبره نقطة سوداء، لا أبدا كان صورة للإسلام ولا أبدا سيكون، بينما سيقف كثيرا عند «الحسين»، سيحلل شخصيته وفطرته وعقيدته الصالحة التى أنقذت الرهائن، وسيعتبره نموذجا معبرا عن إسلام حقيقى.
أخيرا مثلما يوجد فى بلاد الغرب، إسلام وإسلام، يوجد لدينا أيضا، راجع معى تاريخ أبناء الجهاد والجماعات الإسلامية، ستجد عاصم عبد الماجد صاحب فتاوى التكفير، وستجد أيضاً ناجح إبراهيم صاحب فتاوى التنوير، رغم أنهما وقعا سويا على المراجعات الفكرية بعد سنوات طويلة قضوها سويا خلف السجون.
التاريخ لن يذكر عاصم عبد الماجد إلا بكل سوء، بينما سيذكر ناجح إبراهيم بألف خير، بكتاباته عن وسطية الإسلام التى قال فيها: «لا تقديس للعقل على حساب النص، ولا تغييب للعقل تمامًا حتى لو كان فى فهم النص، ولا صدام بين الدين والعلم، فالعلم خادم للدين، والدين حث على العلم، ولا تضارب بين الدنيا والآخرة، فالدنيا هى مزرعة الآخرة، ولا خلاف بين الأصالة والمعاصرة، فكل منهما يخدم الإسلام والأوطان ما دامت المعاصرة لا تتعارض مع ثوابت الإسلام، ولا تناقض بين قوامة الرجل وحق المرأة وكرامتها، فقوامة الرجل هى تكليف ومسؤولية وقيادة إدارية مجردة، أما حق المرأة وكرامتها فقد حفظها الإسلام».
شكرا للحسين باثيلى على حسن صنعه للإسلام.