طلب بطريرك الكنيسة الإثيوبية زيارة الكنيسة المصرية أثناء حكم محمد مرسى، فردت الكنيسة المصرية بالتأجيل لتعقد الأوضاع فى أزمة سد النهضة.
تغيرت الظروف، فبدأ البطريرك الإثيوبى «متياس الأول» زيارته إلى مصر قبل أيام، وأعطت كلماته التى قالها أمس الأول عند زيارته للكاتدرائية المصرية دلالات عميقة على أن ما يربط البلدين من مصالح لا يمكن أن تتجاهله الكنيستان فى مصر وإثيوبيا، قال «متياس الأول»: «نحن نشرب من مياه واحدة هى مياه نهر النيل، مما جعلنا نعيش فى وئام وتماسك، وأتمنى أن هذه العلاقة العريقة تستمر إلى الأبد».
وتطرق البطريرك الإثيوبى إلى سد النهضة قائلاً: «السد يجمعنا مرة ثانية كى نتناقش عن الفوائد التى يجلبها لنا، والخبراء والدراسات أظهروا أيضا أن هذا السد له فوائد وليس أضرارا تضر بمصر والسودان».
فى تاريخ العلاقة بين الكنيستين، لم تغب قضية مياه النيل أبدا، أحيانا يتم التصريح بها علنا، وأحيانا تكون بين السطور، والمعروف أن الكنيسة المصرية كان لها الحق فى رسامة مطارنة وأساقفة الكنيسة الإثيوبية، وكان للكنيسة الإثيوبية الحق فى التصويت لاختيار بابا الكنيسة المصرية، ووفقا لكتاب «البابا كيرلس وجمال عبدالناصر» للكاتب الصحفى الراحل محمود فوزى، فإنه فى عام 1050 كلف المنتصر بالله الفاطمى البطريرك خريستو ردلوس بالسفر إلى الحبشة والتوسط لدى ملكها ليطلق مياه النيل وقد تردد وقتها بسبب الجفاف أن تعمدت إثيوبيا سد منابع النيل، وفى عام 1856 أوفد سعيد باشا البطريرك كيرلس الرابع إلى إثيوبيا فى حل مشكلة التخوم، أى الحدود بينها وبين السودان، ومشكلة التخوم لا تبتعد عن مشكلة المياه فأى خطر يهددها المؤكد سينعكس على مياه النيل.
تعد الفترة التى شغل فيها البابا كيرلس السادس كرسى البابوية هى الفترة الذهبية فى التواصل المصرى الإثيوبى على مستوى الكنائس، ففى أثنائها زار الإمبراطور هيلاسلاسى حاكم إثيوبيا مصر سبع مرات، وتبرع بـ40 ألف دولار للكنيسة المصرية عام 1966، ورأس البابا كيرلس فى زيارته الثانية إلى إثيوبيا عام 1965 المؤتمر التاريخى لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية، وجاءت رئاسته للمؤتمر بعد أن اعتذر فى البداية، غير أن هيلاسلاسى رفض أن يعقد المؤتمر فى غيابه بعد أن أناب كيرلس وفدا من المطارنة نيابة عنه، ووفقا لمحمود فوزى فإن الاتصالات تمت من إثيوبيا بوزارة الخارجية المصرية، حيث جاء مبعوث خاص يحمل رسالة خاصة من «الإمبراطور» للبابا كيرلس، وعلى أثر ذلك سافر البابا على طائرة إثيوبية إلى أديس بابا، وكان استقباله أسطوريا فى العاصمة الإثيوبية وأطلقت المدفعية 21 طلقة.
وحين تم افتتاح الكاتدرائية كان الرئيس جمال عبدالناصر هو من قام بافتتاحها مع البابا كيرلس وبحضور هيلاسلاسى، وحين أحس البابا أن موقف إثيوبيا يشوبه عدم الوضوح فى أعقاب نكسة 5 يونيو 1967، أرسل خطابا لـ«هيلاسلاسى» يطالبه بتوضيح موقفه، فرد على الفور ببرقية يؤكد فيها أن موقفه واضح تماما، وأمر على الفور مندوب بلاده فى الأمم المتحدة بالوقوف بجانب العرب فى قضيتهم العادلة، وعلى أثر ذلك أرسلت الخارجية المصرية خطاب شكر وتقدير للبابا كيرلس.