لم تكن زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية مساء 6 يناير للتهنئة بعيد الميلاد زيارة تاريخية بكل ما تعنى الكلمة من معانى، حيث إنه أول حاكم مصرى على مدى التاريخ يحضر مثل هذه المناسبة بالكنيسة فقط، ولكن لأن هذه الزيارة وتلك التهنئة لها أبعاد سياسية وتأثيرات نفسية ونتائج اجتماعية بعيدة المدى، فقد جاءت هذه الزيارة وقد سبقها بأيام وفى احتفال المولد النبوى الشريف مطالبة الرئيس الأزهر بإحداث ثورة دينية تحرر الخطاب الدينى من كثير مما علق به من تفسيرات واجتهادات لا تتوافق مع المتغيرات المتسارعة التى تحيط بالبشر من كل الاتجاهات، الشىء الذى جعل الفكر الدينى وهو فكر البشر فى تفسير النص الدينى يتوقف عند مرحلة بذاتها بما يتنافى مع حقيقة أن الدين لكل زمان ولكل مكان. فوجدنا أن كثيرا من هذه التفسيرات، وتلك الاجتهادات ترفض الآخر الدينى، بل تعتبره كافرا مرفوضا، مما عمق الشرخ وعزز المناخ الطائفى بين المصريين من المسلمين والمسيحيين، ولذا كانت هذه الزيارة هى الرد العملى والخطوة الأولى فى طريق الاصطفاف المصرى والتوحد الوطنى الذى يطالب به السيسى منذ وصوله إلى سدة الحكم.
الزيارة كانت نداء عالى الصوت إلى العالم كله بأن مصر وعلى مدى التاريخ هى مصر الحضارة مصر لكل المصريين حتى ولو أصابها داء الطائفية لظروف تاريخية مما جعل الجميع يتسابق إلى التدخل فى شؤونها بحجة حماية جزء من المصريين. فلا جزء ولا كل بعد اليوم، فكلنا مصريون بلا تعريف طائفى، التهنئة كانت رسالة من رئيس مصرى يؤمن بأن مصر وطن لكل المصريين، وهو رئيس كل المصريين، ولذا من الطبيعى أن يهنئ رئيس مصر كل المصريين، فأى عيد لمصريين هو عيد لكل المصريين، فهذه هى طبيعة الشعب المصرى، وهذا هو تاريخه، كانت الزيارة خطوة عملية فى إطار تصحيح الخطاب الدينى الذى يقبل الآخر ولا يرفضه، بل يهنئه، فهذه هى المقاصد العليا لكل الأديان السماوية ذات المصدر الإلهى الواحد، كانت الزيارة والتهنئة ذات تأثير نفسى إيجابى لبعض المصريين الذين لاقوا عنتا من بعض الفتاوى المتطرفة، والذين عانوا من بعض الاعتداءات الإرهابية ولكون أنهم مسيحيين. الزيارة ستكون فتحاً جديداً لعلاقات اجتماعية أكثر وأعمق بين المصريين، حيث إنها ستزيل كثيرا من الأتربة المتراكمة على صفحة التوحد المصرى الطبيعى والتاريخ. ولذا بعد هذه الزيارة لابد أن تعى الكنيسة ورجالها وأن نعى جميعاً أنها ليست زيارة خاصة للكنيسة ورجالها، بل الكنيسة كانت الرمز الدينى فقط، أى لا يتصور أحد أنها زيارة لتعزيز دور للكنيسة غير دورها الروحى؟ ولابد أن يعى المصريون المسيحيون أن هذه الزيارة للكنيسة لا تعنى استمرارية الهجرة إليها، أو أنها الممثل السياسى لهم، بل لابد أن تكون بداية حقيقية وصحيحة لممارسة دور سياسى بالمشاركة فى الحياة السياسية والحزبية كمواطنين مصريين وليس كمسيحيين، كما أنه لا يتصور بعض رجال الدين من الذين يستمرئون ويستملحون لعب دور سياسى ليس دورهم أن هذه الزيارة تؤكد هذا الدور، خاصة فى ضوء ما يسمى بكوتة الأقباط التى جعلت للكنيسة دوراً انتخابياً عمليا، ولكنه غير قانونى أو دستورى، نظرا لموات الحياة السياسية والحزبية، والزيارة ليست مجالاً لنفاق دينى مرفوض وغير مقبول بل يسىء للسيسى ويفتح عليه أبواباً لا نريدها ولا نتمناها. وعلى الرئيس السيسى أن يؤكد دائماً أنه بعد يناير ويونيو قد أصبح رئيساً لكل المصريين ولا دور لغير الدولة ولا ممثل سياسى لمصرى غير الدولة ولا تعيين لمصرى مسيحى فى أى موقع بغير الكفاءة، وعن طريق الدولة، وليس لمؤسسة أخرى كما كان يحدث سابقا، علينا أن نضع الزيارة فى موضعها السليم بتأكيد حق المواطنة وتمكين الكفاءة بلا تمييز حتى تصبح بحق مصر لكل المصريين.
عدد الردود 0
بواسطة:
عتريس ايوب
كرسى برلمانى لله
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
عتريس ايوب
كرسى برلمانى لله
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
shenoda
الى رقم 1 (عتريس)
عدد الردود 0
بواسطة:
shenoda
يهوذا
فوق