منى السيد عادل عمار تكتب: الطريق إلى الذهب الأبيض

الثلاثاء، 13 يناير 2015 12:01 ص
منى السيد عادل عمار تكتب: الطريق إلى الذهب الأبيض مزارع القطن المصرى" - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرا ما تغنت به الأغانى، وما رددته الألسن، وما تعلمناه فى مدارسنا، أن مصر هى الدولة الأكثر حظًا عالميًا فى مجال إنتاج القطن طويل التيلة ومنتجاته، فكل ما حولنا من بيئة ريفية تجعلنا نشم روائح العالم فيما نحمله بين أيدينا من قطعة قطن بيضاء انتزعت من فوق نبتته، فكل ما حولنا كان كفيلا بأن يبرهن هذه الحقيقة بدءا بحقول القطن المترامية الأطراف التى يُرى بدايتها ولا يُرى نهايتها، وما تتمتع به من اهتمام سواء من أصحاب الأيدى الخشنة التى تشتاق إلى رؤية أراضيهم مكسوة بالبياض بعد طول تعب ومشقة وشوق إلى ما تتحسسه أيديهم من نعومته نعومة تحول ما بداخلهم من تعب وطول عناء إلى فرحة لا تضاهيها فرحة تشبه الفوز بعد طول صبر.

كل هذا بات بعيدا بل وأصبح من الأيام الخوالى التى يحلم بها الفلاح المصرى ويشتاق إلى عودتها من جديد فالإهمال الذى تعرض له الفلاح المصرى سواء كان متعمدا تارة أو غير متعمد تارة أخرى وما عاناه من مشقة العيش والحفاظ على أرضه جعلته منهكا لا يقدر على الصمود أكثر من ذلك فكل ما دفعه وما يدفعه إلى البقاء هو رغبته فى الحفاظ على أرض الآباء والأجداد فما عاناه بصفة خاصة فى زراعة القطن وما يواجهه من ارتفاع تكلفة زراعته ورعايته وحصاده وانتهاء بتسويقه إذ ترك الفلاح المصرى وحيدا فى مهب الريح دون دعم من الدولة أو حماية له من السماسرة والتجار الذين استغلوا محدودية الجهات التى يورد إليها القطن والتى غالبا ما تكون شركات خاصة تعمل لصالح شخص واحد ذات سلطان فبعد أن كانت الدولة تقدم له الدعم فى إنتاجه بتقديم البذور والمبيدات المدعمة والرعاية المكثفة له خلال فترة نموه وانتهاء بشراء الحكومة لمحصول القطن انحصر هذا الاهتمام شيئا فشيئا بدا ذلك بالدعم الجزئى تبع ذلك الإهمال فى الرعاية من جانب مديريات الزراعة وما يتبعها من جمعيات زراعية بالقرى التابعة للمحافظات المنتجة له وما تفشى بها من فساد دون رادع كل هذا جعل من الفلاح المصرى فى بادئ الأمر فريسة لشركات القطاع الخاص التى استغلت بدورها الإهمال الحكومى لهذا القطاع المهم والمؤثر فى الاقتصاد المصرى لتحل هى محل الحكومة فى شراء المحصول بما يسمح لها تحقيق هامش ربح مرتفع دون الاكتراث كثيرا بما ينتج عن ذلك من ظلم لهذا الفلاح نتيجة عدم تحقيق أى مكاسب مادية عن زراعة هذا المحصول دون غيره فالفارق بين التكلفة الفعلية للمحصول والثمن المتحصل عن بيعه لا يسمح بتغطية تكاليفه وهو ما يخرجه فى النهاية بمديونية كبيرة تجعله يفكر كثيرا قبل اتخاذ قرار زراعته، بل وقد يدفع البعض إلى حرقه دون جنيه مكتفيا بأقل الضررين.

ويزيد من الأمر تعقيدا ما صرح به السيد الدكتور عادل البلتاجى، وزير الزراعة، إلى أن الحكومة لن تقدم أى دعم لزراعة القطن أو تسويقه الموسم الحالى موضحا أنه يجب على الفلاح أن يعرف كيف يسوق محصوله بدون تدخل الدولة، وأمام كل ذلك سيأتى يوم ستخلوا أرضنا من زارعى القطن وما تحمله خبراتهم التى لا يمكن تحصيلها بالدراسة أو البحث فهى خبرات توارثتها الأجيال منذ آلاف السنين يصعب تعويضها إذا لم نغتنم فرصة وجودهم بيننا فالأجيال الجديدة ليس لديها المعلومات الكافية لمثل هذه الزراعة تحديدا فعلى الحكومة التدخل السريع لمساعدة الفلاحين على تخطى العقبات التى تواجههم فى سبيل عودة القطن المصرى إلى موقعة الطبيعى فى الداخل والخارج وأن يكون هو بؤرة الاهتمام من خلال الرجوع إلى أصحاب المشكلة أنفسهم فهم أدرى من المسئولين الجالسين فى الحجر المكيفة الذين يكتفون بكتابة التقارير التى لا تمت للواقع بأى صلة الذين يتعاملون بعقلية الموظف الحكومى الذى لا يكترث إلى ضرورة تحقيق نتيجة دون الاكتفاء ببذل عناية والاكتفاء بالرجوع إلى ساكنى الريف من لابسى الجلباب الريفى دون ممتهنى مهنة الفلاحة والذى تخضع عملية انتقائهم غالبا إلى المحسوبية والوساطة وانتمائه إلى طائف أو فصيل معين إذ يجب الرجوع إلى أصحاب الضمير الحى ممن يبتغى المصلحة العامة دون المصلحة الشخصية فرحم الله فلاحنا الفصيح الذى قدم نموذجا صادقا لفلاح يعرف المشكلة ويبحث عن حل لها لتقديمها إلى من يهمه الأمر دون كلل أو تعب أو بحث عن المصلحة الشخصية دون أن يترك أرضه أو يهملها فحمل على عاتقه هموم أخيه الفلاح وفى يده فأسه الذى لم يتخلَّ عنه.

حفظ الله لنا أرضنا مصدر غذائنا.. وحفظ الله مصر وشعبها.












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة