بعيدا عن كل ما يحدث عندى سؤال، طرحه ليس كفرا ولا خروجا عن ثوابت الدين: هل نستحق أن نكون مسلمين؟ هل نصلح أصلا أن يتباهى بنا الإسلام ويباهى بنا الرسول عليه الصلاة والسلام الأمم يوم القيامة؟
الإجابة أقولها وأنا مطمئن: نحن لا نشرف الإسلام ولا نسعده لا بأفعالنا ولا أقوالنا، فمجمل تصرفاتنا مخزية للدين.
نحن أمة بلا ضمير، لأنه لو كان لدينا قليل من هذا الضمير لعلمنا أننا أصل "البلوى" فى كل مايتعرض له ديننا وأصل كل المصائب، التى تواجهه والسبب فى كل ما يتعرض له من تشويه بأفعالنا التى أقل ما يمكن أن توصف به أنها غير مسئولة.
المسلم من سلم المسلمون، وفى رواية أخرى، من سلم الناس، من لسانه ويده، ونحن لم يسلم من لساننا أحد، نشتم ونحقر ونستهزئ بالآخرين فى كل المكان، نكفرهم ليل نهار على المنابر وفى الشاشات والكتابات، نتعامل معهم باعتبارهم بلا قيمة ونسينا تماما أن حسن الخلق ليس شرطا فيه أن تمارسه مع أهل دينك، وإنما هو أصل التعامل مع الجميع، أيا كان جنسهم وديانتهم، بحسن الخلق فى الرعيل الأول انتشر الإسلام وتمكن فى بقاع كثيرة من العالم، وبسوء أخلاقنا يخسر الإسلام كل يوم أرضا جديدة.
من حقنا أن نغضب من الرسوم المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن حقنا أن نتحرك لنصرة ديننا ونبينا، فمن لم ينصر نبيه لا إيمان له، لكن السؤال كيف نتحرك لتحقيق هذا، هل بالقتل والذبح والتفجير، أم بالدعوة الحسنة والحوار والإقناع؟
المشكلة أننا كمسلمين نعانى من شيزوفرينيا غريبة (إلا من رحم ربك وهم قليل)، فنحن نشتم الغرب ونكفره وندعو بزواله وهلاكه ونستحل دمه ونساءه، لكن نغضب بشدة عندما يرسم صحفى كاريكاتيرا ساخرا، صحيح أن الكاريكاتير يسىء لديننا ونبينا، لكن هل سألنا أنفسنا.. ما علاقة هذا الصحفى والصحيفة بنبينا، هو لا يعرف عنهم سوى ما ينقل إليه من وسائل إعلام عن أعمال إرهابية وداعش والإخوان وبيت المقدس، مثل هذا الصحفى أو الرسام لا يستحق منا القتل وإنما يستحق المخاطبة والحوار وشرح حقيقة الإسلام، لكن لأننا عاجزون عن تقديم ديننا بالصورة التى يستحقها فلا نملك إلا أحد أمرين، القتل والتفجير أو النقمة والشتيمة، حجة البليد الإرهاب، ونحن بلا فخر نتمتع بأكبر قدر من البلادة، ليس لدينا إبداع فى توصيل صحيح الدين، نتحدث عن مخاطبة الغرب ونرسل إلى الغرب دعاة أزهريين لا يجيدون اللغة الإنجليزية أصلا، وأصبح المتحدث الرسمى باسم الإسلام هو داعش، ومن على شاكلته، ورغم ذلك نرفض أن نجد رسما كاريكاتيريا يسىء للإسلام، هل مطلوب من الغرب أن يتحدث نيابة عنا أو يعوض فشلنا فى الدفاع السلمى عن ديننا.
الغرب لن يقف ليدافع عن الإسلام، لأنه يعتبره الخطر الحقيقى عليه، لأنه لم يفهمه على حقيقته، وحكوماته تبدع فى تشويه الإسلام، لكن المفترض أننا من يتصدى لهذا بأساليب حضارية تحبب الناس فى الإسلام ولا تنفرهم منه.
طبعا لابد من التأكيد أن ما فعلته تشارلى إبدو جريمة، ولكن ليس الجانى صحفيو تشارلى إبدو، وإنما المجرم الحقيقى نحن بتخاذلنا عن تقديم إسلامنا واحترامه، تصرفاتنا أسوأ إساءة للإسلام، ومع ذلك نغضب من تصرف شخص لا يعرف عن الإسلام إلا القتل والذبح.
لابد قبل أن نتحدث عن الغرب وتجاوزه فى حق الإسلام ونبيه أن نكاشف أنفسنا بتجاوزاتنا نحن فى حق ديننا.