محمد فودة

محمد فودة يكتب.. الشباب الحائر بين «توجهات» الدولة و«أنانية» العواجيز!!

الأربعاء، 14 يناير 2015 06:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل الدولة وتوجهاتها نحو الاهتمام بجيل الشباب أصبحت فى وادٍ، بينما رموز الحياة السياسية من كبار السن يعيشون فى وادٍ آخر؟ وهل مكتوب علينا أن نظل هكذا ندور فى حلقة شبه مفرغة، حيث نسمع كلاماً من القيادة السياسية عن ضرورة تفعيل دور الشباب وإعطائهم الفرصة كاملة، وأنه لا عودة إلى الوراء بأى شكل من الأشكال، ونفاجأ فى ذات الوقت بأن هناك من يحاول عرقلة مسيرة هؤلاء الشباب بقطع الطريق أمامهم، وربما منعهم من الوصول إلى البرلمان الذى يجرى الاستعداد له الآن على قدم وساق، وكأنهم عازمون على العودة إلى الماضى بشتى الطرق، متجاهلين أن هذا الوضع « المقلوب» قد يؤدى إلى غضب الشباب الذى قد يصل إلى التلويح بمقاطعة هذه الانتخابات طالما أن العواجيز مصرون على البقاء فى صدارة المشهد السياسى.
أعتقد أن حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على الدفع بدماء جديدة من جيل الشباب، فى جميع المواقع القيادية بالدولة، أمر فى غاية الأهمية بل هو توجه حقيقى وواضح وضوح الشمس، فالرئيس لم يدع مناسبة إلا وقد وجدناه يؤكد على هذه المسألة بشكل لافت للنظر، وذلك إيماناً منه بأن الشباب هم الأقدر على تحقيق النهضة المجتمعية المنشودة فى الدولة الجديدة التى تتشكل ملامحها الآن.. ولكن وللأسف الشديد فإن ما يجرى على أرض الواقع الآن أجده لا يترجم هذا التوجه للقيادة السياسية بشكل حقيقى، وذلك لأن ما يقوم به كبار رجال السياسة الذين يتصدرون المشهد فى الوقت الحالى، ما هو إلا محاولة لـ «التكويش» على كل شىء، ولن أكون مبالغاً إن قلت إن البعض يحاول أيضاً سرقة المكتسبات التى حصل عليها جيل الشباب بعد ثورتين عظيمتين، منحت الأجيال الجديدة الكثير من الحقوق التى كفلها لهم الدستور، فما زال هؤلاء الكبار يحاولون بشتى الطرق اللعب على الوتر الحساس بأن البرلمان المقبل فى حاجة إلى «الخبرة الكافية» وفى حاجة إلى من لديهم الحكمة والقدرة على النهضة التشريعية المنشودة من هذا البرلمان والتى نحن أحوج ما نكون إليها الآن.
وهنا أجدنى أتساءل: إن كان هؤلاء الكبار يتعاملون مع الأمر على هذا النحو، فأين دورهم الحقيقى فى مهمة تدريب وتهيئة المناخ أمام الشباب لتفجير طاقاتهم الإبداعية، وهل هؤلاء الكبار قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه من مراكز مرموقة من تلقاء أنفسهم، أم أن هناك من كان يقف إلى جانبهم فى بداية حياتهم، وأن هناك مناخاً قد هيأه لهم المجتمع حينما كانوا شباباً، فلماذا هذه الأنانية، ولماذا هذا الإصرار على السطو على مكتسبات الشباب تحت حجج واهية وتحت مسميات صنعوها لأنفسهم، أجدها فى كثير من الأحيان «ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب»، لذا فإننى أطالب بأن تخرج علينا قائمة موحدة تضم الشباب والمرأة، ويكون هناك التفاف مجتمعى ومساندة من الجميع وتوفير المناخ الملائم، لتصبح هذه القائمة بمثابة «الحصان الرابح» فى الانتخابات البرلمانية، وبالطبع فإنه إن تحققت هذه المسألة فسوف نجد أنفسنا أمام نتائج مذهلة قد تقلب الموازين رأساً على عقب، لأن الشباب سيصبحون بحق قاطرة الأمل لمستقبل وغد مشرق بإذن الله، وأقترح أن تكون هذه القوائم متضمنة شخصيات لها جماهيرية حقيقية من بين نجوم الفن والرياضة والثقافة والإعلام والكفاءات فى مجال البحث العلمى.. هذه «التوليفة» كفيلة بوصول هذه القوائم تحت قبة البرلمان.
وأتوقف أيضاً أمام مسألة أخرى فى غاية الأهمية، وهى أن القوائم الانتخابية تشترط أن تضم أعداداً محددة من الشباب ومن المرأة، ومن الأقباط ومن ذوى الاحتياجات الخاصة، وهنا تبرز المشكلة فمن يقومون بانتقاء أعضاء تلك القوائم، وهم من كبار السن نراهم وهم حريصون كل الحرص على أن يظلوا فى صدارة تلك القوائم التى نراها مليئة بنفس الوجوه التى اعتدنا عليها من قبل، بينما يظل الشباب مجرد رقم فى قوائمهم ويظهرون فى النهاية باعتبارهم رعاة للشباب، فطالما أنهم يهتمون بإعطاء الشباب الفرص الحقيقية، وأنهم مقتنعون بأن المرحلة تتطلب أن يصبح الشباب داخل دائرة الضوء، فلماذا لا يفسحون المجال أمام هؤلاء الشباب، وأن يتركوا تلك القوائم للأجيال الجديدة من الشباب وليذهب كبار السن إلى المقاعد الفردية فى المعركة الانتخابية ليرونا على الطبيعة جماهيريتهم وشعبيتهم التى يتفاخرون بها ليلا نهارا.
وعلى الرغم من أن عددا كبيراً من هؤلاء الساسة الكبار يحاول كل منهم لفت الانتباه إلى قائمته وإلى تحالفه بشتى الطرق، حتى وإن تطلب الأمر استخدام «الشباب» لتجميل صورة قوائمهم أمام الرأى العام، إلا أننى لن أكون متحاملا عليهم، لأننى فى حقيقة الأمر من أشد المطالبين بضرورة تكريم الكبار أصحاب التاريخ المشرف، والذين خدموا الوطن عبر تاريخهم الطويل من العطاء الذى لا ينكره أحد، ولكن فى نفس الوقت فإننى أرى أيضاً أن هؤلاء «الكبار» ليس مطلوبا منهم الاستمرار فى خداع الناس على هذا النحو الذى أصبح مرفوضاً مجتمعيا وغير مقبول على الإطلاق، خاصة فى ظل اهتمام أكيد وتوجه قوى للدولة نحو إعطاء الفرصة كاملة لجيل الشباب ليتبوأ هؤلاء الشباب المكانة التى يستحقونها بالفعل.

وهناك مسألة فى غاية الأهمية أحب أن ألفت الأنظار إليها وهى أن الاهتمام بالشباب وضرورة إفساح المجال أمامهم لأننى أطالب بطرح تلك الأسماء من الشباب الذين دأبوا على الظهور الإعلامى عبر الفضائيات وكأنهم هم فقط الشباب الذين يمثلون هذا الجيل، فهؤلاء، وربما الغالبية العظمى منهم، ينتمى كل منهم إلى تيارات وإلى تكتلات سياسية لا تعبر بشكل حقيقى عن الجيل الجديد، لدرجة أنهم أصبحوا بمثابة أوراق محروقة فى اللعبة السياسية بالكامل.

يا سادة، الشباب الذى يتحدث عنهم الرئيس والذين تعيرهم الدولة اهتمامها ليسوا هؤلاء الشباب الذين يطلون علينا صباح مساء بكلام معاد مكرر وبتوجهات لا تعبر عن الواقع بشكل حقيقى.. الشباب الذين يعنيهم الرئيس فى قوله هم تلك الملايين من الكفاءات التى تمتلئ بهم مصر فى جميع المحافظات.. إنهم فقط ينتظرون من يمد لهم يد العون بشكل حقيقى وبشكل صادق بعيداً عن ألاعيب السياسة.
والحق يقال، فإن هذا التوجه للدولة وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى بوضع الشباب فى المكانة اللائقة، تمت ترجمته بشكل حقيقى فى بعض الوزارات، خاصة أن هناك بعض الوزراء منهم الدكتور خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة، والدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور خالد حنفى وزير التموينو، قد قام كل منهم بتفعيل هذا التوجه على أرض الواقع باختيار مساعدين للوزراء من الشباب، وهو ما أراه تعبيرا حقيقياً للفكرة التى تقول إن مصر «ولاده» ومليئة بالكفاءات فى شتى المجالات، وأن نهر الإبداع فى مصر لن ينضب إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومن هذا المنطلق، فإننى أكتب منتقداً الأجزاب السياسية وعلى أصحاب «التكتلات الانتخابية» بسبب تراخيهم فى تفعيل هذا التوجه «الإيجابى للدولة فى إعطاء الفرصة كاملة للشباب فى التعبير عن أنفسهم بشكل حقيقى من خلال خوض الانتخابات البرلمانية وتمكينهم من أكبر عدد ممكن من المقاعد تحت قبة البرلمان، وفى نفس الوقت فإننى أرى أن الحديث عن القوائم الانتخابية والشباب يقودنا وبشكل مباشر إلى الحديث عن دور المرأة، وعن المكانة التى يجب أن تحظى بها، والتى تليق بها فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، فعلى الرغم من أن القوائم الانتخابية تحدد «كوتة» للمرأة كما حددتها للشباب، فإن هذا غير كاف، حيث يجب زيادة حجم مشاركة المرأة فى البرلمان المقبل، وبالطبع فلا أحد يستطيع إنكار الدور الإيجابى للمراة فى الاستحقاقين السابقين من استحقاقات الديمقراطية التى صاغتها، ارتضت بها القوى الوطنية فى أعقاب ثورة 30 يونيو، لذا يجب أن تأخذ المرأة المكانة التى تليق بها فى البرلمان المرتقب، وذلك بإفساح المجال أمامها لتحصل على أكبر عدد ممكن من المقاعد لتتطلع على الدور الذى تستحقه تحت قبة البرلمان.

الحديث عن الانتخابات البرلمانية لا ينقطع، خاصة مع اقتراب موعد هذه الانتخابات وبعد إعلان اللجنة العليا للانتخابات عن مواعيد هذا الاستحقاق الديمقراطى الثالث والأخير، وهو ما يجعلنا جميعا مسؤولين عن الوصول إلى أفضل النتائج فى هذه الانتخابات، وأعتقد أنه على الأحزاب والسياسيين أن يحتضنوا الشباب، ويدفعونهم للعمل والمشاركة، حتى يطمئن الوطن على مستقبله، وأن تأخذ المرأة حقها الذى سلب منها على مدى سنين طويلة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة