فى مقال، أمس، تناولت خطر المواقع التكفيرية على عقول الشباب المسلم، وحذرت فى عبارة موجزة أن الإرهاب الحقيقى يصنع فى تلك المواقع، وينمو ويغزو كل بيت مسلم، ويتطور من الاقتناع بأفكار تكفيرية شاذة إلى رفع السلاح فى وجه الحاكم، وكان الطرح الأخير فى مقالى أننا أمام أزمة ترتبط بصعوبة إغلاق المواقع، والأمر أقرب للمستحيل فى الفضاء الإلكترونى، لأنك لو أغلقت موقعا فسيخرج إلى النور 10 مواقع أخرى.
فى الساعات القليلة الماضية أجريت عدة اتصالات هاتفية بخبراء معلومات وتكنولوجيا الاتصالات، ومن بينهم المهندس هشام العلايلى، الرئيس التنفيذى لجهاز تنظيم الاتصالات، ودارت بيننا مناقشات تفصيلية عن آلية إغلاق المواقع، وكان رأيه أن الأمر سهل وصعب فى نفس الوقت، لأن الإغلاق ليس زرا يضغط عليه open أو close، إنما الأمر يحتاج نفس طويل وجدية حقيقية وتعاون مشترك وإرادة سياسية، خاصة أن الإغلاق لابد أن يكون من المنبع، وقبل الإغلاق لابد من الاتفاق على آليات محددة لتقييم مضمون المواقع المقرر إغلاقها، وأيضا لابد من تأمين شبكة الإنترنت من أى اختراقات أو فيروسات ضمانا لنجاح فكرة الإغلاق.
الجانب الأهم أن المهندس هشام العلايلى كشف لى عن مبادرة يعمل عليها حاليا جهاز تنظيم الاتصالات لإغلاق المواقع التكفيرية، وهى مبادرة سيتم طرحها على الاتحاد الدولى للاتصالات، وتتضمن التنسيق الدولى للتصدى لتلك المواقع واتخاذ قرار جماعى بإغلاقها، وأى مواقع جديدة تخرج للنور، فورا من مصدرها الأساسى الذى تنطلق منه.
أظن أن مبادرة جهاز تنظيم الاتصالات هى نواة أساسية للفكرة التى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى بإغلاق المواقع التكفيرية، وللاستفادة بها يتطلب الأمر أن تترجم الحكومة كلام الرئيس إلى تحرك فعلى على أرض الواقع، بأن تدعم مبادرة جهاز الاتصالات، وتروجها عالميا فى الاتحاد الدولى أو فى أى محافل أخرى بالتنسيق مع وزارة الخارجية، ومع مؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء باعتبارهما مرتبطان بشكل أساسى بما تبثه المواقع التكفيرية من فتاوى شاذة.
مع هذا التحرك الفنى لإغلاق المواقع، يتبقى أيضا تحرك إعلامى، فكرى، لتوعية المواطنين بخطورة هذه المواقع بما تحمله من سموم تبثها فى كل بيت مصرى، أدعو وزارات الأوقاف والتربية والتعليم والتعليم العالى أن ينضما لتلك المبادرة، الأولى بتوحيد خطبة جمعة فى كل مساجد الأوقاف على مستوى الجمهورية لتبيان خطورة المواقع التكفيرية، والثانية بتخصيص الحصة الأولى من الفصل الدراسى الثانى عن خطورة المواقع التكفيرية، والثالث بعقد ندوات داخل الجامعات لسد الثغرات التى تدخل منها تلك المواقع لعقولنا.