كنت أتوقع أن تثير الفيديوهات المسربة لرجل الأعمال أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى المنحل، أحد رجال عصر مبارك، ضجة كبرى ليس لأنها كشفت بعض أسرار مطبخ عمليات الحزب الوطنى المنحل قبل ثورة يناير 2011، حيث لعب أحمد عز دورًا سياسيًا وحزبيًا كبيرًا فى الفترة السابقة لهذه الثورة، جعلته الاسم الأكثر شهرة بين أنصاره ومعارضيه، لذا فإن أى تسريب للرجل سوف يكشف عن أسرار جديدة من المؤكد أنها ستصدم خصومه، لأنها عرفتنا على وجه آخر لأمين تنظيم الحزب الوطنى عكس الصورة الشيطانية التى صدرتها المعارضة وبعض مراهقى الحزب الوطنى، الذين ارتدوا ثوب النضال بمجرد سقوط نظام حسنى مبارك وحاولوا تحميل عز خطايا 30 عامًا من حكم مبارك.
الحقيقة أنه حتى لو اختلف أحد على ما جاء فى تسريبات أحمد عز بسبب حجم التفاصيل التى كشفتها، لا يمكن أن يتجاهل أنها تضىء أمورًا كانت خافية على كثير من المصريين نتيجة لسيادة أنماط ثابتة من التفكير والتصورات عن القوى السياسية، ثبت بعد السنوات الأربع الماضية أنها كانت أنماطًا وتصورات خاطئة تمامًا، فلا الإخوان كانوا مظلومين مضطهدين وملائكة لا يسعون إلا إلى الدعوة إلى الله، ولا الحزب الوطنى الذى استطاع أن يجمع كبار العائلات وقيادات المجتمع فى جميع المحافظات كله فاسد مفسد، ولا المعارضة التى عجزت عن إقناع الشارع بكفاءتها وإخلاصها وقدرتها على تمثيله والتعبير عنه كلها نقية ومثال للوطنية، إن هى إلا «كليشيهات» سيطرت طويلاً على أذهاننا ودفعتنا للتحرك فى اتجاهات معينة، وآن الأوان لأن نراجع أفكارنا ومواقفنا بتجرد وعقلانية بعد سنوات الغضب والدم والخداع التى مرت بنا. من هذا المنطلق يمكننا أن نستقرئ فيديوهات أحمد عز المسربة لنخرج بعدة نقاط جوهرية، لا علاقة لها بالماضى الذى لا نريد أن ننبشه ونتجادل بشأنه، بقدر ما نريد أن نتسلح بها حتى لا نسقط فى فخ التنميط والتطرف فى المستقبل الذى نرجوه أفضل من الماضى.. أولاً: الفيديوهات المسربة لأمين تنظيم الحزب الوطنى المنحل والتى سجلت قبل انتخابات 2010، أبطلت الأكذوبة الكبرى التى روج لها أباطرة المعارضة عقب هذه الانتخابات، بأن عز هو المسؤول الأول عن تزوير هذه الانتخابات، ليس فقط لأن عز قد ظهر فى الفيديوهات المنسوبة له وهو يرفض سياسة التزوير ويطالب أعضاء الحزب الوطنى بعدم العبث بصندوق الانتخابات وحماية أصوات الناس، ولكن لأن عز تم تحميله تزوير كل الانتخابات التى جرت خلال سنوات حكم مبارك. نستكمل فى الأيام القادمة إن شاء الله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة