غريب وغير مفهوم، القرار الصادر عن البرلمان الأوروبى بشأن مصر، ويبدو للوهلة الأولى أنه قرار قديم أو كليشيهات سياسية مما اعتاد السياسيون الأوروبيون التصريح بها فى خضم الاستقطاب السياسى الذى ساد قبيل ثورة 30 يونيو وبعدها مباشرة، فالقرار يركز على أن الإخوان ومحتجزيهم المرتبطين بالأعمال الإرهابية أو تمويلها والتحريض عليها هم فى صفوف المعارضة، وأن سيناء تشهد عمليات كبيرة للاتجار فى البشر، وأن المثليين فى مصر مضطهدون ولا يحصلون على حقوقهم، ومن هنا غرابته واستعصاؤه على الفهم لأول وهلة.
البرلمان الأوروبى يبدو منقطعا عما يشهده أكثر من بلد أوروبى من ظهور بؤر إرهابية، وحالة الفزع التى انتابت فرنسا على سبيل المثال بعد حادث مجلة تشارلى إبدو، واحتجاز رهائن فى مطعم يهودى، وهو الحادث الذى دفعها بسرعة إلى سن قانون «تمجيد الإرهاب» الذى يحجم حرية الرأى بصورة غير مسبوقة للحفاظ على المصالح السaيادية للبلاد، ويبدو منقطعا أيضا عن الإرهاب الذى يضرب أكثر من منطقة فى العالم وتواجهه مصر بفعالية فى سيناء وعلى الحدود الليبية وفى أكثر من محافظة، أو إذا شئنا الدقة يبدو البرلمان الأوروبى موجها ومنحازا سياسيا بشكل سافر.
لا يمكن أن يصدر مثل هذا القرار عن البرلمان الأوروبى حالة التزامه المعايير الدولية والأوروبية فى تعريف ومواجهة الإرهاب، باعتباره كل ما أو من يهدد المصالح العليا للبلاد بالقول أو الفعل أو إعلان عدم تأييد الدول الأوروبية فى حربها ضد الإرهاب، ومن هنا لا يمكن اعتبار الإخوان الإرهابيين أو المحرضين على الإرهاب أو الممولين له معارضين، كما أن وصف بعضهم بأنهم نواب منتخبون بعد حل المجالس المنتخبة فى ظروف غير نزيهة ولا عادلة، أمر مرفوض جملة وتفصيلا.
أيضا، ينشغل البرلمان الأوروبى بقضايا لا تراعى الخصوصية الدينية والثقافية للمجتمعات العربية والإسلامية، ومنها ما يتعلق بما يسميه باضطهاد المثليين، وهو ينطلق فى ذلك من استعلاء استشراقى بغيض يرى قيمه الثقافية ومعتقداته الدينية هى الأصح والأحق بالاتباع فى العالم، ويتجاهل ثوابتنا الأخلاقية والدينية وأعرافنا المجتمعية التى ترفض الممارسات الفاحشة وتعاقب على الجهر بها، وفى هذا استهانة غير مقبولة تجعلنا نقول للبرلمان الأوروبى وقراره: إلى الجحيم.
وللحديث بقية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة