إذًا صورة أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى المنحل، ظلت لدى رفاقه داخل الحزب الحاكم وخصومه فى المعارضة، هى أنه الشيطان الأكبر ومهندس كل المؤامرات، وهى الصورة التى تم تصديرها للرأى العام وتم تحميله كل خطايا وأخطاء الأحزاب والنظام المصرى لمدة 30 عاما، وهذا يخالف الحقيقة، لأن عز لم ينضم للحزب الوطنى إلا فى السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق، ثانيًا: إذا افترضنا أن أحمد عز قد زوّر انتخابات مجلس الشعب عام 2010 رغم أن الفيديوهات المسربة للاجتماعات الخاصة للحزب الوطنى تنفى ذلك، فإننا نطرح السؤال المهم على كل من اتهم عز بالتزوير، ألا وهو: من زوّر انتخابات مجلس الشعب من بداية حكم مبارك حتى ما قبل انتخابات 2010؟ خاصة أن المعارضة ظلت لأكثر من 40 عامًا تروج بأن كل الانتخابات البرلمانية أو غير البرلمانية يتم تزويرها لصالح النظام الحاكم وهو ما يعنى أن التزوير هو «منهج دولة» وليس «منهج فرد».
ثالثًا: الفيديوهات المسربة كشفت عن أن أحمد عز رجل دولة حقيقى ولديه رؤية صادقة فى التيارات السياسية الأخرى خاصة جماعة الإخوان التى كانت كل الأحزاب تخشى الاقتراب منها، وتعتبرها الطريق لقيادة المعارضة، والدليل سعى كل الأحزاب إلى التنسيق مع هذه الجماعة قبل وبعد 25 يناير بما فيها الأحزاب المختلفة أيديولوجيًا مع الإخوان، ولكن أحمد عز لم يخش جماهيرية هذه الجماعة واعتبرها خطرًا ليس فقط على الحزب الوطنى بل على مكونات الدولة المصرية المعاصرة، ولا يضيرنى أن أقول الآن، والرجل فى موقف ضعف ولا سيطرة له على أى منصب حزبى أو تنفيذى، إن أحمد عز كان سباقا لكل الرؤى التى ظهرت بعد التجربة الأليمة التى عشناها خلال السنوات الأربع الماضية، حيث نجح الرجل فى كشف ألاعيب هذه الجماعة، فى الوقت الذى كانت تقدم نفسها على أنها جماعة من الحملان الوديعة التى لا تسعى للحكم، ولا تريد إلا أن تدعو إلى الله بالموعظة الحسنة. رابعًا: الفيديوهات المسربة أثبتت أن عز لم يكن زعيمًا لكتيبة المزورين فى الحزب الوطنى، بل حاول جاهدًا أن يقلل من فكرة إفساد الانتخابات البرلمانية، وهو ما يعنى أن نظام مبارك وقتها أمنيا وسياسيا كان وراء عملية التزوير، وغدا إن شاء الله نواصل كشف ما وراء تسريبات فيديوهات أحمد عز.