أكتب هذا المقال ،أمس الأول الجمعة، وبعد اجتماع الرئيس السيسى مع الأحزاب واقتراحه بأن تخوض الانتخابات فى قائمة موحدة، وهو ما لقى استجابة من بعض الأحزاب فى مقدمتها الوفد الذى دعا إلى اجتماع، أمس السبت، لبحث إمكانية تشكيل ائتلاف موحد والتوافق على قائمة موحدة، وأتمنى أن ينجح سعى الوفد والعقلاء فى الأحزاب، لأن أحزابنا ضعيفة وقانون الانتخابات وتقسيم الدوائر لا يساعدها.
لكن أرجح أن يفشل الاجتماع وتتعثر محاولة خوض الانتخابات على %21 من مقاعد البرلمان المخصصة للقوائم بنظام الأغلبية المطلقة (1+%50)، وأسباب الفشل كثيرة، فالتنافس بين الأحزاب عنيف بسبب كثرتها وضعفها علاوة على طموحات شخصية وربما انتهازية لبعض الأحزاب والشخصيات العامة التى لا حضور أو تأثير لها فى الشارع، والطموح مطلوب فى العمل السياسى شرط أن يكون هناك ما يبرره فى أرض الواقع، أما الانتهازية فهى مرض أصاب نخبتنا السياسية منذ عصر مبارك وحتى اليوم ولا جدوى من العلاج، فكثرة الأحزاب والانشقاقات تصيب المراقب بالصدمة والحيرة، لأنه لا توجد أفكار أو أيديولوجيات واضحة، بل لا يمكن تصنيف الأحزاب إلى معارضة ومؤيدة للحكم.
الأحزاب بلا استثناء اختزلت الانتخابات البرلمانية فى محاولات بائسة وفاشلة لعقد تحالفات وترتيب قوائم لخوض الانتخابات بنظام القوائم فى 15 دائرة على مستوى الجمهورية تمثل %21 من مقاعد البرلمان، وأهملت تقريبا كل الأنشطة الحزبية الأخرى، بما فيها إعداد مرشحين لها فى الدوائر الفردية (%74) من مقاعد البرلمان.
والأهم أن الأحزاب لم تهتم كثيرا بتعديل قانون الانتخابات الذى يضعفها لصالح المستقلين المرجح أن يحصدوا أغلبية المقاعد الفردية أى أغلبية البرلمان، وسيأتى هؤلاء من خارج الأحزاب حيث سيعتمدون على المال الانتخابى والأسر الكبيرة فى الريف، فضلا عن الروابط القبلية والجهوية، وبحسب الصديق
د. عمرو هاشم ربيع الباحث والخبير فى النظم الانتخابية، فإن النظام الانتخابى سيواجه مشكلات كثيرة منها احتمال الطعن فى البرلمان أمام المحكمة الدستورية، وعدم تمثيل كل الدوائر الانتخابية والقوى السياسية والفئات والشرائح الاجتماعية، كما سيؤدى إلى برلمان ضعيف يفتقر للكفاءات والخبرات.
وفى اعتقادى أن عملية التحول الديمقراطى تحتاج بشدة إلى برلمان قوى وقادر على إحداث توازن مع الرئيس والسلطة التنفيذية، برلمان تتشكل اغلبيته من وجوه شبابية وسياسيين جدد، برلمان يراقب بفاعلية، ووعى، ومسؤولية الأداء العام، ويحارب الفساد، ويعمل على إصلاح مؤسسات الدولة ومنظومة القوانين التى لابد أن تراجع كى تستجيب للتحديات التى نواجهها فى الداخل والخارج، والمعضلة أن كثيرا من رموز نظام مبارك والحزب الوطنى سيعودون بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مقاعد البرلمان، وهؤلاء بحكم العادة إضافة إلى وجهاء الريف ونواب العصبيات سيقفون دائما إلى جانب الرئيس والحكومة، بحثا عن مصالحهم.
باختصار سنعيد إنتاج نائب الخدمات غير المسيس الذى لا يمتلك رؤية لإصلاح أحوال الوطن، وإنما تشغله مصالحه ومصالح بعض أصحاب النفوذ والتأثير فى دائرته الانتخابية.
هل من أمل لإعادة النظر فى قانون الانتخاب بحيث نرجع للقوائم النسبية؟ وهل من فرصه أخيرة كى ندرك أن الأحزاب ضعيفة ولابد من تقويتها ودعمها كى نملأ الفراغ السياسى الذى أخشى أن تحتله جماعة الإخوان والسلفيون ورموز نظام مبارك؟ وهل هناك بدائل شعبية وحكومية لإقناع البرلمان الأوروبى بمراجعة موقفه الرافض للمشاركة فى مراقبة الانتخابات البرلمانية، حتى تكتسب الانتخابات مزيدا من الشرعية الدولية؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة