هل هى مصادفة أن تحل الذكرى الثامنة والثلاثين لانتفاضة 18 و19 يناير مع دخول إضراب عمال المحلة يومه الرابع أمس؟ هل سيظل الشعب المصرى- والعمال فى المقدمة- أسيرًا لدى حكومات تتجاهل مطالبه وتزيده فقرًا على فقر؟
لقد ثار المصريون فى يناير 1977 ضد قرارات نظام السادات برفع العديد من السلع الغذائية، وشهدت المناطق العمالية والجامعات مظاهرات حاشدة تلعن التفاوت الطبقى الصارخ الذى نما فى ظل قرارات السادات الخاصة بما يسمى "الانفتاح الاقتصادى"، لدرجة أن الشعارات المرفوعة فى تلك المظاهرات كانت تفضح هذا التفاوت مثل: (يا ساكنين القصور/ الفقرا عايشين فى قبور)، و(هو بيلبس آخر موضة/ واحنا بنسكن عشرة فى أوضه)، والضمير "هو" يعود إلى الرئيس السادات الذى كان الإعلام الغربى قد اختاره ضمن أكثر عشرة رجال أناقة فى العالم!
أخفقت الانتفاضة لأنها لم تكن منظمة، صحيح أن السادات تراجع عن قرارات رفع الأسعار، لكن النظام تعلم كيف يراوغ ويداهن حتى استعاد عافيته من جديد، فزاد الأغنياء غنى، وتعثرت الملايين فى فقرها التاريخى!
اليوم يتكرر المشهد بكل أسف، فعمال المحلة- 18 ألف عامل- يواصلون إضرابهم لليوم الرابع رافعين مطالب محددة هى: (صرف حافز الشهرين والنصف سنوى فى موعده، وإعادة هيكلة الأجور، وملاحقة القيادات الفاسدة ومحاكمتها/ المصرى اليوم 17 يناير)، ولكن الحكومة تتجاهل هذه المطالب، كما تجاهلت حكومات السادات مطالب الشعب فى عامى 1975 و1976، حتى اشتعل الشارع المصرى كله بالغضب فى يناير 1977!
لماذا لا تستجيب الحكومة لمطالب العمال؟ الأمر واضح وبسيط، لأنها حكومة تعبر عن مصالح الأثرياء فقط، كما كانت حكومات السادات ومبارك ومرسى، ولم تنشغل أبدًا بمصالح الملايين من العمال والفلاحين والموظفين والطلاب، الأمر الذى يؤكد أن المصريين لم ينجحوا حتى الآن فى تغيير معادلة المصالح والثروة فى مصر رغم أننا أشعلنا ثورتين عظيمتين.
لن تفهم الحكومة أبدًا أن (عرف الشعب طريقه) كما يقول عبد الوهاب فى أغنية جميلة، وبالتالى لن يسكت عن حقوقه المهضومة، وما ذكرى انتفاضة يناير ببعيد!