يحيى حسين عبدالهادى

«صحوة مصر».. إشراقة استثنائية

الإثنين، 19 يناير 2015 09:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تشرّفتُ بمعرفة معظم الأسماء التى تملأ المشهد السياسى حاليا، واقتربتُ وما زِلتُ منهم قبل الثورة وبعدها، ومازالت حبالُ المَوّدة موصولةً بينى وبين كثيرين منهم وإن اختلفتُ مع بعض آرائهم أو مواقفهم «واختلفوا هم أيضاً معى»، وإن اختلف بعضُهم مع البعض الآخر.. وأشهد غير مُترددٍ بأنهم جميعاً مِمن يُحبون مِصر.. ولكنه حُبٌ يُخالطه أحياناً شىء من المصلحة الشخصية أو الطائفية أو الحزبية بدرجاتٍ متفاوتة.. هذه «المصلحة» تزيد وتقل باختلاف الأشخاص.. لكن يظل بينهم نَفَرٌ تشعر وكأن هذه «المصلحة» مُسِحت من قاموس حياتهم وأن محبتهم للوطن خالصةٌ بِلا نُقصان.. مِن هؤلاء هذا الرجل العظيم الدكتور عبدالجليل مصطفى.. ولا أُخفى أننى أنحاز مُسبقاً وأثق بلا تحفّظٍ فى طهارة ونقاء ووطنية أى عملٍ يتصدى له عبدالجليل مصطفى إلى أن يثبت العكس.. هو رجلٌ ممن يُعرف الحقُ بهم.. أقول قولى هذا وقد فاجأ الرجل المصريين ببشائر عملٍ منهجىٍ عظيمٍ عَكَف عليه «وآخرون» بدأبٍ وفى صمتٍ شهوراً طويلةً، وبعد أن شَبّ الوليد على الطوق أسموه «صحوة مصر».. وبدأ يؤتى ثماره فى نفس اللحظة التى طفَت فيها على الجانب الآخر أخبار الائتلافات والاختلافات والتكتلات بخصوص القوائم الانتخابية للانتخابات البرلمانية الوشيكة.. وأضاء هذا التحالف المُفاجئ المشهد السياسى بعد شهورٍ من الضجيج والاختلاف الذى وصل فى بعض الأحيان إلى حد العبث.

وليأذن لى القارئ الكريم بتسجيل الملاحظات الأوّلية التالية قبل الحديث عن هذه الإشراقة الاستثنائية فى الساحة السياسية:

1 - إن تركيز السياسيين والأحزاب السياسية على مقاعد القوائم لا على المقاعد الفردية شىء طبيعى، لأن الناخب فى مصر يختار المرشحين على المقاعد الفردية بناءً على سُمعة المرشح المعروف فى الدائرة وليس لانتمائه الحزبى أو السياسى «وإن انتمى».

2 - إن مُعظم الأحزاب «88 حزباً كما يُشاع» هى مما يصدُق عليه وَصف «متناهية الصِغَر» ولا وجود فعلياً لها إلا فى أخبار الصُحُف أو لقاءات الرئيس.. بل إن عدد مؤسسيها «الذين تم شراؤهم لعمل التوكيلات» أكبر من عدد أعضائها «بعض الأحزاب تقتصر عضويتها على أسرة رئيسها.. يزيدون بزيجات الأبناء وينقصون بطلاقهم أو حالات الوفاة».

3 - هناك استثناءاتٌ تُعّدُ على أصابع اليد لأحزابٍ تضُم قياداتٍ محترمة وأعضاءً مُحترمين يتحلّقون حول فكرٍ واضحٍ.. ولكن الواقع الانتخابى هذه المرة ليس فى صالحهم، لا لعيبٍ فيهم وإنما لأن الوعى الديمقراطى مازال ينضُج بالتدريج.

4 - والحالُ كذلك فليس من مصلحة المُرشّح الفردى أن يستند فى دعايته إلى حزبٍ إلا إذا وفّر له تمويلاً.. وللأسف فإن بعض الأحزاب القديمة بدأت تفعل العكس.. أى تسعى لشراء بعض المُرشحين الذين تتوسم أنهم سينجحون بعصبيتهم أو شعبيتهم لتضمن بهم مقاعد تحت القُبّة.. وهو نفس أسلوب الحزب الوطنى فى شراء النوّاب المستقلين الناجحين «مع ملاحظة أن المُحتَرَم لا يُشترى، وأراهن أن معظم الناخبين سينتخبون المحترمين الذين يعرفونهم عن قُربٍ فى دوائرهم».

5 - لذلك تعجّبتُ مما تواتر مِن أخبارٍ حول اختلافات الائتلافات حول حِصص الأحزاب فى القوائم وهو ما يعنى نزوع الأحزاب إلى نفس النهج القديم دون اعتبار لأن ثورةً قد قامت وناخباً قد تغير.. شعورٌ متضخمٌ جدا بالذات يُعمى صاحبه عن الواقع.. فالناخب المصرى «إلا قليلاً» لن يذهب لانتخاب قائمةٍ لأنها تضم الحزب الفلانى والعِلاّنى وإنما لأنها تضم الأشخاص الذين يثق بهم: كفاءةً ووطنيةً ونظافةَ يد.
6 - إن الرضوخ لهذه المُحاصصة أدّى إلى احتواء بعض القوائم التى يُشكلّها أشخاصٌ فائقو الاحترام لبعض الأسماء فائقة التدنى.. ألا يَعلمُ هؤلاء أن اسماً واحداً سيئاً كفيلٌ بإسقاط القائمة كلها؟.. الشعب قد تَغيّر يا سادة.

7 - يتزامن ذلك مع دعواتٍ لقوائم تُمثّل فئاتٍ مُعينة.. مثلاً قائمة لذوى الاحتياجات الخاصة أو للعمال أو للعسكريين السابقين أو للصوفيين.. وهكذا.. وهو فضلاً عن مخالفته الصريحة للدستور فإنه يكشف عن جهلٍ بحقيقة أن النائب فى البرلمان لا يُمثّل مِهنته أو قبيلته أو طائفته فقط، بل حتى لا يُمثّل دائرته.. وإنما يُمثّل الشعب المصرى كلّه.

فى ظل هذه المعمعة فإن ما تسرّب من أخبار حتى الآن يجعل الاستثناء الأكثر إشراقاً هو ما اصطُلح على تسميته قائمة «صحوة مصر».. ليس فقط للأسماء التى تنتسب إليها ولكن «وهو الأهم» للمنهجية العلمية التى سارت عليها مُتلافيةً العيوب والأخطاء التى وقع فيها الآخرون.
أنا ممن يؤمنون بأن الشكل جزءٌ من المضمون فى العدالة.. وفى السياسة أيضاً.. لذلك لا أستطيع أن أفصل الأسماء عن المنهجية.. لكن الأهم أن المنهجية التى تُتّبع فى تكوين قائمة هذا التحالف تجعلنا نطمئن لها حتى قبل أن تُعلَن أسماؤها.

كانت الخطوة الأولى منذ عدة شهورٍ بعيداً عن الإعلام هى عملية تواصلٍ فردىٍ دؤوبةٍ قادها الوطنى المحترم الدكتور عبدالجليل مصطفى ومعه عددٌ من المهمومين الحقيقيين بمصر دون سُمعةٍ ولا رياء، تواصلوا بصفةٍ شخصيةٍ لاستطلاع الرأى فيما ينبغى عمله بشأن الاستحقاق البرلمانى المقبل.. بالتدريج تَحلّق حوالى ثمانين مصرياً حول الفكرة قبل أن يترجموها إلى آليات.. أسماءٌ يكفينا مما تسرّب من معلوماتٍ عنها أمثال: مجدى يعقوب/ بهاء طاهر/ جلال أمين/ د .حسام المسّاح/ خالد يوسف/ رفيق جريش/ سكينة فؤاد/ سمير مرقص/ سيد حجاب/ عبدالجليل مصطفى/ عبدالرحمن الجوهرى/ عبدالغفار شكر/ عبدالله السناوى/ عصام شيحة/ على السلمى/ عمرو موسى/ محمد السعيد إدريس/ محمد الأشقر/ محمد سلماوى/ محمود عمارة/ ميرفت التلاوى/ منى ذو الفقار/ نبيل الحلفاوى/ نور الشريف/ نور فرحات/ ياسر عبدالعزيز/ يحيى القزاز/ أحمد بهاء الدين شعبان.. وآخرون مِن نفس الوزن والتنوّع.
أسماءٌ محترمةٌ شكّلوا ما يمكن تسميته الجمعية العمومية للتحالف «هم لم ينشغلوا بالتسميات» توافقوا على الفكرة ومعايير الترّشُح وآليات الاختيار، مع أن معظمهم لن يترشح أصلاً أو قد يترشح على قوائم أخرى.. أما الاختيار نفسه فقد تُرِك للجنةٍ محايدةٍ تم التوافق عليها ولا يَحّقُ لأعضائها الترشح.

يكمن الفارق الجوهرى بين هذا التحالف وغيره فى تشكيل القوائم على أساس الكفاءة والجدارة والتنوّع وتمثيل قوى المجتمع، لا على أساس المُحاصصة الحزبية.. الفكرة المحورية للتحالف عبرت عنها وثيقةٌ بعنوان «مُفترق طُرُق».. وكان مما جاء فيها: «إن حقيقه الانتصار للمستقبل تكمن فى تمثل حقيقة الصراع ونقله من أرضية التكالب على التمثيل السياسى النفعى المشوّه.. إلى أرضية وطنية تصنعها وتسمو بها منظومة القوى الوطنية، وأول ما تفعله تلك القوى الوطنيه هو أن تربأ بنفسها عن أن تُعِين أيّاً من قوى الماضى بالتحالف معها أو التماهى فيها.. لكى ترسل رسالةً واضحةً إلى الوعى العام، بأن مهمة البرلمان المقبل وطبيعة كفاءات القائمين عليه تختلف عن النائب التقليدى الذى ابتُليت به مصر عقوداً حتى صَنّفه الوعىُ العام ضمن قوائم الفساد التى هَوَتْ بالدولة المصرية إلى الحضيض.

إن النصر المرجو مرهونٌ بأن تتكون نواةٌ من القوى الوطنية الحية التى تتقدم لمهمة التمثيل النيابى الوطنية.. ولكنها ليست «نواةً سياسية» بقدر ما هى «نواة قِيَمِيّة» ويتحقق ذلك باختيار نماذج إنسانية تُمثل أكبر قدرٍ من النقاء والجدارة والمصداقية، لتكون مهمتهم إلى جانب المهمة التشريعية والرقابية هى مهمة بناء وتقديم نموذج مستقبلى للسلطة التشريعية وبرلمان مصر فى مستقبلها.

وجاء فى الوثيقة أيضا «يلزم أن تشمل المجموعة المقترحة كل تيارات المجتمع وتنوعاته الفكرية.. والشرط فيها هو أن يثبت فى حق من يتم اختياره كفاءةٌ تُعِينُه على أن يقوم بجدارةٍ على التشريع و الرقابة.. يلزم أن يرى المجتمعُ نفسه فى برلمانٍ يُعبّر عنه بصدق.. يلزم أن يرى مفكريه ومهنييه وفنانيه.. رجالَه ونساءَه.. شبابه وشيوخه.. حَضَرَه ورِيفَه وبَداوَته.. محافظيه وتقدمييه.. والأهم أن يتماهى بذلك كله ومن خلال كفاءته فى دعم الدولة التى نبنيها.. تشريعاً ورقابةً وانضباطاً».

بعد ذلك وُضِعت معايير صمّاء لاختيار المُرشحين واختيرت اللجنة المُحايدة التى ستقوم باختيار المرشحين بشخوصهم لا بأحزابهم.. وقد قرأتُ تصريحاً للمتحدث الإعلامى باسم «صحوة مصر» رامى جلال عامر «ولو صَدَق حَدسى فهو نفسه الكاتب الشاب النابه ابن عمّنا الوطنى الساخر الراحل جلال عامر» بأنه من بين حوالى ألف مُرشح، انتهت اللجنة حتى الآن من فحص 783 واستبعدت 548 اسماً لم تنطبق عليهم المعايير المحددة.. إلى هنا انتهت المساحة المُتاحة لى.. وإلى حديثٍ آخر عن هذه اللجنة وتِلكُم المعايير بإذن الله.. واسلمى يا مصر.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

أبوحميد

حديث مشوق يحمل الامل الذى نتشوق اليه

وفى إنتظار باقى الامل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة