أهنئكم بعيد الميلاد المجيد، متمنيـًا كل خير وبركة وسلام للجميع.
مع احتفالات الميلاد، نتذكر وصية السيد المسيح التى قدمها إلى العالم، رسالة المحبة. لقد كانت المحبة هى الوصية التى اهتم بها السيد المسيح؛ فأوضح أن المحبة لله وللإنسان هما أولى أعظم الوصايا الإلٰهية؛ ومن خلال تنفيذهما يجد الإنسان نفسه يسير فى وصايا الله وفى الحياة بسهولة وبساطة. فعندما سأله أحد الناموسيِّين عن أولى الوصايا، أجاب بأنها محبة الله ومحبة القريب كالنفس: «يا معلم، أية وصية هى العظمى فى الناموس؟». فقال له يسوع: «تُحب الرب إلٰهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك. هٰذه هى الوصية الأولى والعظمى. والثانية مِثلها: تُحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء»".
وقد أوصى السيد المسيح تلاميذه والشعب بالسلوك فى محبة: "هٰذه هى وصيتى: أن تُحبوا بعضكم بعضـًا."، وأن تصل المحبة بالإنسان إلى محبته لأعدائه! فقال فى العظة على الجبل: "«... أحبوا أعداءكم. باركوا لأعنيكم. أحسِنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطردونكم...". وقد أدرك التلاميذ والرسل والآباء أهمية المحبة، حتى أن حياتهم كانت انعكاسـًا لمحبتهم بعضهم بعضـًا ونحو كل إنسان. كذٰلك فإن تعليمهم ورسائلهم وكتاباتهم كانت تقدِّم دائمـًا تأكيدًا لوصية المحبة؛ فيذكر القديس "يوحنا الرسول" فى رسالته الأولى: "الله محبة، ومن يَثبُت فى المحبة، يَثبُت فى الله والله فيه."، ويقول: "أيها الأحباء، لنُحب بعضنا بعضـًا، لأن المحبة هى من الله...". كذٰلك يؤكد القديس "بولس الرسول" هٰذا المعنى فيقول فى رسالته إلى أهل "أفسس": "اُسلُكوا فى المحبة...".
وتكمُن قوة الإنسان الحقيقية فى قدرته على محبة الآخرين، والنمو فيها إلى أن يصل إلى محبة العدو؛ فمن أقوال مثلث الرحمات البابا "شنودة الثالث": [ليس القوى من يهزم عدوه، وإنما القوى من يربحه.].
والمحبة الحقيقية تَظهر فى تقديم الإنسان وبذله واحتماله؛ إنها المحبة التى تمُد يد العون وتسند الضعفاء، وتشجع كل من حولها. فبالمحبة التى يمكنك أن تقدمها تستطيع أن تبعث الأمل فى النفوس التى تلاطمها أمواج اليأس، وأن تبُثّ الثقة فى أشخاص طال ما شعروا بأنهم لا يستطيعون تحقيق أى إنجازات، وأن تقوِّى من ضعيف لا يجد من يحبه فيتشدد ويحقق ما هو أعظم من الخيال!
إن المحبة هى قوة بناء لشخصك أولـًا ولمن يلتقيك فى الحياة. وكل ما يقدَّم ويكتمل بالمحبة لا يسقط أبدًا، بل يكوِّن بناءً قويـًّا ثابتـًا يتحدى أعاصير الحياة وأمواجها. لذٰلك، فى عيد الميلاد المجيد أقدِّم إليكم رسالة المحبة التى تستطيع تحدى الصعاب والآلام، وبث روح الأمل والحياة. أن المحبة هى رحلة حياة لا تنتهى، فيها يتعلم الإنسان من الله كلى المحبة أن تصير حياته أنشودة محبة للآخرين.
كل عام وجميعكم بخير.
• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
R.K
كل سنة ونيافتك بخير يا سيدنيا
عدد الردود 0
بواسطة:
R.K
كل سنة ونيافتك بخير يا سيدنا