مع مطلع العام الجديد دعونا نحلم بأن نحقق خلاله ما أخفقنا فى تحقيقه فى السنوات القليلة السابقة، فقد أنجز الشعب المصرى ثورتين مدهشتين فى أقل من ثلاثة أعوام، وفوجئ العالم بالمارد المصرى يخرج من قمقم الخضوع والانصياع للطغاة والطامعين إلى فضاء التمرد، والثورة على الظلم والبطش والفقر.
إن أكبر المكاسب التى ربحناها فى هذه الفترة الزمنية الوجيزة تتمثل فى استردادنا حريتنا، حرية التفكير، الاهتمام بالشأن العام، الوعى جيدًا بأننا- وأننا فقط- من نملك مصيرنا فى أيدينا، فلا مجال لعودة الطغيان، ولا فرصة لأن يخدعنا أحد مرة أخرى بالكلام المعسول، أو باستخدام الدين لإرهابنا أو للمزايدة علينا، فالمصريون متدينون منذ الأزل، ويعرفون خالقهم جيدًا، ويعبدونه قبل آلاف السنين، وقبل أن يظهر الأنبياء على الأرض.
هل نحلم بأن ينعم بالحرية هذا العام الشباب الثائر النقى الذى قذفوا به فى غياهب السجون لأنه خرج فى مظاهرة بدون تصريح؟ هل نحلم بأن يعاد النظر كليًا فى قانون التظاهر الذى صدر فى لحظة حرجة نعلمها جميعًا؟ هل نطمع فى كرم رئاسى يطوى هذه الصفحة المحزنة فى تاريخنا ما بعد الثورى؟
الموجع فى الأمر أن السجون تحتضن بنات وفتيات آمنّ بأن الحرية باتت قاب قوسين أو أدنى بعد ثورتين، فإذا بهن أسيرات بطش وتنكيل لا ضرورة لهما (يارا ابنة الشاعر الكبير رفعت سلام واحدة منهن).
كلى أمل أن يضاء العام الجديد ببرلمان قوى يعمل على تعزيز الحريات، ويناضل من أجل حقوق الفقراء وإنصافهم.. برلمان خال من فلول الحزب الوطنى المنكوب الذى دمر مصر.. برلمان لا وجود فيه لتجار الدين وعملاء القرون الوسطى الذين يظنون أنفسهم المتحدث الوحيد باسم الإسلام الحنيف.. برلمان يتكئ على خيال جرىء يسعى لتأسيس مدن جديدة فى صحرائنا المترامية الأطراف.. برلمان يعيد للقاهرة بهاءها القديم.. برلمان يصدر قوانين تحمى حرية الفكر والإبداع وتدعمها وترعاها.
ما أحوجنا فى عامنا الجديد هذا إلى أن نعيد النظر فى لائحة الممنوعات التى تدمر عقولنا، وتكبل حياتنا، فليس من المعقول فى زمن التطور التكنولوجى الهائل أن نصادر كتابًا أو نمنع عرض فيلم أو نسجن مبدعًا أو صحفيًا بسبب قصيدة كتبها أو رأى أطلقه.
فلنجعل عام 2015 عامًا للعدالة الاجتماعية.. عامًا للحرية والإبداع!