ناصر عراق

أحمد الطويلة.. المطرب المثقف

الأربعاء، 21 يناير 2015 03:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ رحيل عبدالحليم حافظ فى مارس 1977 ونحن نفتقد الحضور المشع للمطرب المثقف الذى يتمتع بذائقة فنية رفيعة تجعله يعرف كيف يختار الكلمات التى سيغنيها، واللحن الذى سيصاحبه. أحمد الطويلة مطرب من ذلك النوع القوى.. الموهوب.. المثقف الذى ظل قابضًا بحنجرته الذهبية على الكلمات الراقية الموحية، فإذا أنصت إلى أغنيته البديعة «أغار عليك» وهى مقطع من قصيدة فاتنة للشاعرة ولادة بنت المستكفى - معشوقة ابن زيدون - ستنتشى، وتطرب لهذا الأداء الصافى العذب المترع بالشجن، وإذا سرحت مع أغنيته «القلب أعلم»، وهى مأخوذة من ديوان المتنبى، ستعتريك نشوة تشبه تلك التى نفرح بها عندما نسمع قصائد أم كلثوم وعبدالوهاب.

للأسف الشديد، مع الانحطاط الذى أصاب المجتمع المصرى فى الأربعين سنة الأخيرة، تراجع الغناء، كما انحدرت فنون كثيرة، وسطا أناس على أذن المستمع المصرى فأتخموها بكلام ركيك، وموسيقى فقيرة مزعجة، وهكذا رأينا «نجومًا» يملأون الدنيا بصورهم وألبوماتهم بامتداد 30 سنة، وإذا حاولت أن تتذكر جملة غنائية مما يقولونه فلن تفلح!

أحمد الطويلة ليس من هؤلاء، فلم يسع وراء منتج أو قناة فضائية، ولم يحاول التقرب إلى رئيس تحرير بحثًا عن شهرة أو حضور، إنه أشبه براهب متنسك فى صومعة الفن، يقرأ ويطالع فى الأدب وفى التاريخ، فى الفن وفى الفلسفة، فى السياسة وفى الاقتصاد.. إنه مثقف موسوعى حظى بصوت عريض.. حلو النبرات.. واضح القسمات، لا يقلد أحدًا، ولا يزعم أنه خليفة لأحد.. إنه صوت خاص ينعشك، ويرقق مشاعرك بأدائه المثقف المهذب، وليتك تسمعه وهو يترنم بأغنية «قل للمليحة فى الخمار الأسود/ ماذا فعلت بناسك متعبد».

قبل يومين جمعنى لقاء مع أحمد الطويلة وأكرم القصاص، وفاجأنا - وهو صديق عزيز - بأن أسمعنا أحدث أغنياته واسمها «اسم النبى قرآن» من تأليف الشاعر أيمن حمدى، وتلحين شاب مسيحى موهوب جدًا اسمه أمير مرزق، أما التوزيع فمن نصيب أحمد باريتون.. أدهشتنا أغنيته الجديدة كما أسعدتنا أغنياته من قبل، وقلت لنفسى: «ما أحوجنا إلى غناء عذب صاف مثل هذا».. مبروك يا أحمد.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة