اليمن ينفجر فى حرب دموية طويلة تلوح فى الأفق، بين الحوثيين والقاعدة وبينهما الجيش، بين الشيعة والسنة وبينهما الأطراف الخارجية الداعمة للفوضى، بين الرياض وطهران وبينهما الدوحة التى تضغط على الرياض بدعمها للحوثيين، بين المخطط الذى يهدف إلى أسرلة البحر الأحمر بما يضمن هيمنة تل أبيب على باب المندب من خلال قواعدها فى الجزر الإرتيرية وإثيوبيا وبين جر شكل مصر وإعادة سيناريو تحجيم محمد على فى موقعة نافارين وكسر عبد الناصر فى حرب اليمن. اليمن ينفجر وهو أول خطوط الأمن القومى المصرى ومحور طريق الملاحة الدولية فى قناة السويس شرياننا الاقتصادى الأهم والواعد، كما أنه تهديد مباشر لدولة عربية كبيرة وداعمة لمصر هى السعودية، الأمر الذى يجعل تدخلها هناك أمرا حتميا إما لتبريد الوضع والوصول لاتفاق وقف إطلاق النار وتقاسم السلطة، أو بالانحياز إلى جبهة الرئيس هادى منصور ومواجهة الحوثيين والقاعدة بمساعدة القبائل الموالية، وفى كل الحالات ستطلب الرياض دعم القاهرة ومساندتها على مستويات عدة.
اليمن ينفجر، ويهدد الأمن الخليجى كله، فضلا عن تهديد الأمن القومى المصرى، بما يعنى وضع مفهوم الأمن العربى الذى يعتمده السيسى من خلال شعارى «مسافة السكة» و«أمن الخليج خط أحمر» فى أول اختبار حقيقى يستلزم التفكير من خارج الصندوق لاحتواء الوضع الملتهب فى صنعاء، هل يغيب عن القاهرة أن أى حل للوضع المنفلت فى اليمن يبدأ بطهران والرياض؟ هل يغيب عن صناع القرار فى مصر أن استمرار الدعم الخارجى من المال والسلاح للحوثيين يعنى اشتعال حرب أهلية لا يمكن لأى طرف بمفرده أن ينتصر فيها؟ كما أن التدخل العسكرى الخليجى يعنى حربا إقليمية قد تمتد إلى مناطق أخرى وتنذر بمواجهات أخرى داخل بلدان الخليج نفسها؟
الحل المصرى للوضع المنفجر فى صنعاء يبدأ باتصالات مكثفة مع جميع أطراف الأزمة بالتزامن مع اجتماع مجلس التعاون الخليجى المعنى بالمشكلة اليمنية، على أن يكون الهدف الأول هو وقف إطلاق النار فورا وإزالة أسباب التهديد لرموز الدولة ووضع اتفاقية تقاسم السلطة بضمانة مصرية وخليجية، مع تقديم حزمة مساعدات عاجلة لانتشال اليمنيين من شبح المجاعة أو الانزلاق إلى الارتزاق من حمل السلاح أو السلب بما يقصم ظهر الدولة الهشة ويقضى على أى أمل لنهوضها مجددا.