زميلى المواطن.. عزيزى الناخب.. هذه السطور لن تقرأ فيها أية إرشادات من أى نوع عن كيفية اختيار مرشح صالح ليمثلك فى البرلمان القادم، أنا هنا أدعوك أن تمثل نفسك، ولا تجعل الآخرين «يمثلوا» عليك، عزيزى المواطن، أنا وأنت نقف فى نفس الطابور، الصندوق أمامنا، والمرشحون حولنا، وأعلى رؤوسنا لافتاتهم المهنئة بالأعياد والمناسبات، ليطلبوا عطفك وعطفى، ويجلبوا على روحهم المنفعة ويحصدوا صوتك، عزيزى المواطن، أوصيك ونفسى أن تحترس من هؤلاء الذين سيرد ذكرهم بعد قليل فى سطور ستقرأها فى مدة أقصر من المدة التى ستقف فيها بالطابور.
يجيئك المرشح.. عبده المشتاق للمقعد.. محاولا أن يقنعك يا زميلى فى الوطن أنه الراجل الصالح بمعسول الكلام، يجيئك بأكوام البطاطين، أنصحك يا عزيزى أن تساوم وتعرف حقك، حقك يا زميلى المواطن أن تحصل على «دفاية» وليس مجرد بطانية، حقك يا «زمل» إذا جاءك الناخب منهم بزجاجة زيت، أن تطلب منه إيصال أمانة بما قيمته تموين خمس سنوات، واعلم أخى المواطن أعزك الله، أن صوتك أمانة، والمشتاقون الجدد لن يبخلوا عليك فى سبيل الحصول عليه، يكفى أنهم سيغرقون فى أنهار العسل بمجرد دخولهم القبة، وأنت يا أيها المواطن ستظل واقفا على أعتابهو، منتظرا أن يجيئك النور بعد انقطاع التيار فى الصيف خمس أو ست مرات، أو تعود المياه للمواسير، بعد انقطاعها المتواصل طوال فترة الصيف.
زميلى المواطن.. أنا وأنت نقف فى نفس الطابور، الذى يبدأ من أمام «فرن العيش» بمساميره، إلى طابور «بقال التموين» بجبروته، إلى طابور مستودع الأنابيب بمهانته، نشترك سويا فى كل المواجع التى نشعر بها سويا فى هذه الطوابير يا «زميلى»، أنا وأنت نقف فى الشوارع المكسرة وحدنا، نتلقى بصبر وصدر مكتوم بالغضب «طرطشات» المجارى الطافحة، ونتحمل سويا دون أن ننفث عن غضبنا مساومات سائقى الميكروباصات فى أيام المحن، التى تخلو من وسيلة انتقال محترمة، أنا وأنت يا زميلى المواطن نتحمل كل هذه السخافات، ونخوض فيها، ونعود لأطفالنا فى نهاية اليوم بعد رحلة مشقة، نقطعها يوميا منذ مغادرتهم فى الصباح، كأننا نسافر إلى جبال «الإنديز».. هل تعلم يا زميلى المواطن أين هى جبال «الإنديز».. أنا أيضا لا أعلم يا زميلى.. ولا المرشحون يعلمون أيضا.
يأتيك مرشحون بعضهم أقزام.. أقزام لأنهم يتصرفون بضآلة ويحنون هاماتهم من أجل صوتك الغالى يا زميلى المواطن، ثم يتصرفون كالصغار بعد الانتخابات، ويديرون لك ظهورهم وأنت لا تستحق سوى أطيب معاملة يا زميلى المواطن، تراهم فى فرحك وحزنك، يهنئوك أو يعزونك، وما أن تلمس أقدامهم أرض البرلمان الرخام - لست متأكدا من كونها رخاما لكننى أخمن - ما أن تلمسها أقدامهم حتى يتنكروا لك يا زميلى المواطن، ولا يستجيبوا لشكواك طوال السنوات الخمس مدة البرلمان. هؤلاء المرشحون زميلى المواطن هم الذين يقفزون حولك فى حزنك وفرحك، يحاولون لفت انتباهك لحركاتهم البهلوانية، يحاولون صرف انتباهك عن أنهم لم يظهروا فى حياتك، ولم يلعبوا أى دور مهم إلا فى اللحظة التى دقت فيها أجراس الانتخابات، المرشحون الأقزام زميلى المواطن يفرشون لك الشوارع والحارات بعلب الغذاء وأنهار الزيت، لكن الزيت مغشوش يا زميلى، وعلب الغذاء منتهية الصلاحية، وصوتك فقط هو الذى ستفقد صداه إذا أودعته فى المكان الخاطئ.
زميلى المواطن.. أنا هنا لا أتهكم من الأقزام.. هذه إعاقة طبيعية من عند الخالق، لكننى أتهكم ممن يتشبهون بالأقزام فى قولهم أو عملهم، صوتك سيجعلهم أطول، بعدها سيتطاولون عليك «فى الرايحة والجاية» وإذا ما ضاع صوتك وذهب فى غفلة منك إلى أسمائهم، فاعرف أن صوتك الغالى «الطويل» الحبيب.. لن يغفر لك أنك منحته لقزم، أخى وزميلى المواطن.. يمكنك بينما تقرأ هذه السطور مع «سندوتش الفول» الملفوف بأوراقها، أن تضع علامة «صح» أمام اسم أى قزم من الأقزام الذين سيخوضون سباق الانتخابات القادم، وبينما ترتكب هذه الجريمة فى حق صوتك تذكر أن زميلك المواطن الجالس أمام شاشة الكمبيوتر يكتبها لك الآن، يحاول جاهدا إنقاذك من أن تلقى مصير زميلنا المواطن الثالث الذى طوى بنطلونه أسفل ذراعه بالإسكندرية وسار عارى الساقين خائضا فى المياه التى حولت المدينة الجميلة إلى مدينة عائمة، أشبه بمدينة «البندقية»، هل تعرف أين هى مدينة «البندقية».. لا أعرف يا زميلى.. لكن.. ربنا يوفقك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة