كثيرون كانوا يتوقعون أن يحصل جمال وعلاء مبارك على البراءة، ونفس هؤلاء الكثيرين سوف يعملون أنفسهم «متفاجئين»، نفس الأمر تقريبا مع حسنى مبارك عندما صدر حكم ببراءته من قتل المتظاهرين، هناك من يقول لماذا يصدر الحكم قبل يناير ليسهم فى إشعال الغضب؟ وهل كان يفترض أن يحدث تدخل فى القضاء لتأجيل الحكم بعد ذكرى يناير؟ لو حدث فسيكون هذا تدخلا فى القضاء، ومعنى صدور الحكم فى هذا التوقيت يعنى أنه لا يوجد تدخل فى القضاء، ولو قلت هذا، سيخرج البعض لسانه ويبتسم ويصنع إشارات مختلفة.
ثم إن ذكرى يناير سوف تمر كما مر غيرها، لأن الناس الذين يخرجون أو لنقل أغلبيتهم أصبحت لديهم فكرة عما يجرى، وأصبحوا مطلعين على الكثير من التفاصيل اقتصاديا وسياسيا، وسواء لرضا البعض أو رفض، فإن السفينة تسير وسط أمواج كثيرة، ومن سنوات أصبح المواطن العادى أكثر وعيًا من بعض كبار النخبة، ممن يعيدون ويزيدون وينشرون اليأس والقنوط والغضب من دون أن يقدموا خطوطا للسير.
ولم تعد المظاهرات تتجاوز عشرات هنا أو هناك، يتم تصويرها وعرضها على شاشات السبوبة الجديدة فى تركيا، بينما الجماعة تمارس نفس «الذكاء» السياسى المشهود لها وهى فى السلطة تعادى الجميع وتمارس التظاهر بقطع الطرقات، من دون تجديد، وفيما يخص ذكرى يناير كلٌّ يعرف مكانه، من قرر الخروج للاحتفال مستمر، ومن قرر الخروج لقطع الطرقات والتقاط الصور سيفعلها، بحثا عن ثمن أو صورة، بينما الحانقون من البداية يكررون نفس أقوالهم وأفعالهم وانتقاداتهم، بلا تغيير عن أهداف الثورة والغضب والتغيير، بينما هم يسكنون مواقع التواصل. ولكل منهم مصالحه ومكاسبه أو مشغولياته.
إذن لا جديد فى حكم جمال وعلاء أو مبارك، ولو كان هناك من يريد حكم إدانة، فلم يكن هناك حاجة للمحاكمة، وهناك تجارب كانت تقوم على التصفية والإعدام بلا محاكمات، ومن بداية الإحالة للجنايات قلنا وبح صوتنا بالقول إن من ضغطوا لتحويل هؤلاء لمحاكم جنائية يقودونهم إلى البراءة لكون مبارك كان رئيسا يستند لدستور يعطى له صلاحيات، وربما كان الأنسب أن يكون هناك حساب سياسى لكل هؤلاء، وهو محاكمات لا تنتهى بسجن، لكنها تمثل إدانة سياسية ومعنوية.
لقد تم تحويلهم لمحاكمات عن قضايا فردية، ولم تكن هناك محاسبة على تفاصيل وأخطاء كثيرة، أهمها ما قادنا لأزمة غياب البدائل وانتشار الفساد وتراجع التعليم والعلاج، و لو كان هناك من يريد من القضاء أن يدينهم لوفر على نفسه تكاليف المحاكمات.